للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: ١٥] ومع ذلك يشربون ما يشاؤون، وهذه الأنهار لا تجري في أخاديد، ولا ضمن جدران تمنع سيلان الماء، إنما تجري على وجه الأرض، قال ابن القيم في النونية:

أنهارُها في غيرِ أخدودٍ جَرَتْ ... سبحانَ مُمْسِكِها عن الفيضان

والغساق أيضًا -والعياذ بالله- بمجرد ما تسمع معناه تشمئز، صديد أهل النار، الصديد الذي يجري من أجسامهم من احتراقها هذا أيضًا نوع من شرابهم، فصار شرابهم إما ماء حار يشوي الوجوه ويقطع الأمعاء، وإما صديد أهل النار {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: ١٧].

قال الله عز وجل: {وَآخَرُ} قال المؤلف -رحمه الله-:

[بالجمع والإفراد] {وَآخَرُ} مفرد و {وَأُخَرُ} جمع، ففيها قراءتان سبعيتان، {مِنْ شَكْلِهِ} أي: من جنسه، [أي: مثل المذكور من الحميم والغساق {أَزْوَاجٌ (٥٨)} أي: أصناف، أي عذابهم من أنواع مختلفة]. {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ} من جنسه، {أَزْوَاجٌ (٥٨)} أصناف من العذاب يعذبون بها كما أراد الله عز وجل، ويهانون غاية الإهانة، يقرعون ويوبخون، ثم يُمَنَّونَ بالخروج، ترتفع بهم النار حتى يقتربوا من أبوابها {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} [السجدة: ٢٠] وهذا من شدة العذاب. لو أن شخصًا محبوسًا، وكان يقرب من الباب، يظن أنه سيخرج فإذا به يرد، فهذا أشد عذابًا عليه مما لو

<<  <   >  >>