للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} قال المؤلف: [أي: عبثاً {ذَلِكَ} أي: خلق ما ذُكر لا لشيء {ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} من هل مكة {فَوَيْلٌ} وادٍ {لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧)}].

يقول الله عز وجل: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} خلقنا أي: أوجدنا، فالخلق بمعنى الإيجاد، لكنه إيجاد عن تقدير، لأن الإيجاد قد لا يكون عن تقدير ولا عن ترتيب، ولكن الخلق لا بد أن يكون عن ترتيب وتقدير، يقول: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ} السماء المراد بها الجنس، ويشمل جميع السموات، وكذلك الأرض، وقوله: {وَمَا بَيْنَهُمَا} معطوف على السماء، أي: ما خلقنا ما بينهما باطلًا، والذي بين السماء والأرض من المخلوقات مخلوقات عظيمة، بعضها معلوم لنا، وبعضها مجهول لنا لم نعلمه حتى الآن، لكن يغلب على الظن أنها مخلوقات عظيمة، لأن الله تعالى جعلها قسيمة لخلق السماء والأرض، وقسيم الشيء لا بد أن يكون مقارباً له، أو مساوياً له.

وقوله: {بَاطِلًا} هذا محط النفي، ولهذا نقول: لا يجوز الوقف على قوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا} لأنك لو وقفت لأدى ذلك إلى أن يكون المعنى معنىً باطلًا، بل لا بد أن تصل فتقول: { ... وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا}، لأن ذلك هو محط النفي، يعني ما خلقناهم باطلاً، أي: لأجل الباطل، وهذا كقوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (٣٨)} [الدخان: ٣٨] فالباطل هنا بمعنى اللهو الذي لا فائدة فيه، فالله لم يخلق السماء والأرض باطلاً، ولو كان

<<  <   >  >>