الغلبة، وإن قلنا: إنها للاستعانة فظاهر أن الاستعانة بعزة الله التي إذا أعان الله بها العبد غلب. {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢)} اللام الواقعة في جواب القسم في قوله: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ} تؤيد أن الباء هنا للقسم؛ لأن هذا هو جواب القسم، وأغوينهم، أي: أسلك بهم طريق الغي، وهو خلاف طريق الرشد {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ} أي: من بني آدم {الْمُخْلَصِينَ (٨٣)} الذين أخلصتهم. وهذا كقوله تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}[الحجر: ٤٢].
قال الله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)} {قَالَ فَالْحَقُّ} الحق: مبتدأ لأنه متضمن معنى القسم بدليل أنه أُخبر عنه بجواب القسم وهو قوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} وقد أعربه المؤلف فقال: [بنصبهما ورفع الأول ونصب الثاني] {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤)} فَنَصْبُهُ بالفعل بعده، أي: أن {وَالْحَقَّ} مفعول مقدَّم لأقول، أي: لا أقول إلا الحقّ، وتقديم المفعول أفاد الحصر، [ونصب الأول، قيل: بالفعل المذكور، وقيل: على المصدر، أي: أُحِقُّ الحقَّ، وقيل: على نزع حرف القسم، ورفعه على أنه مبتدأ محذوف الخبر، أي: فالحقُّ مني، وقيل: فالحقُّ قسمي، وجواب القسم {لَأَمْلَأَنَّ}].
إعرابات متعددة بنصبهما، نقول الثاني نصبه بالفعل بعده وهو واضح {وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤)} لأن الفعل بعده لم يستكمل مفعوله، ولم نجد مفعولًا له إلا الحق الذي سبق، إذًا الحق الثانية منصوبة بأقول