للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} أي: المتقولين القرآن من تلقاء نفسي، أي: وما أنا من المتقولين، ولكن عدل عن المتقولين إلى المتكلفين، لأن القرآن لا يمكن أن يأتي بمثله البشر حتى لو تكلف الإنسان وبذل الجهد، فإنه لا يمكن أن يأتي بمثله، ولما كان هذا القرآن لا يأتي بمثله البشر صار مَن أتى به متكلفًا لو كان جاء به من عنده، فهو يقول: أنا لا أتقول القرآن لا عن يسر ولا عن كلفة.

{إِنْ هُوَ} [أي: ما القرآن]. {إِنْ} فسرها المؤلف ب "ما"، وقد ذكرنا علامة "إن" التي بمعنى "ما" أن يأتي بعدها "إلا". [{إِنْ هُوَ} أي: ما القرآن {إِلَّا ذِكْرٌ} عظة {لِلْعَالَمِينَ} للإنس والجن العقلاء دون الملائكة] وقول المؤلف: [دون الملائكة]، إنْ أراد بإخراج الملائكة أنهم لا يكلفون بالعمل به فقد يكون مُسلّمًا، وإن أراد أنهم لا يتذكرون به ولا يتقربون به فهذا غير مسلم، لأن الله تعالى يقول: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: ١١ - ١٦] والمراد بهم الملائكة.

وقوله: {ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} تقدم معنى الذكر في أول السورة، وتقدم قريبًا {هَذَا ذِكْرٌ} [صَ: ٤٩] وهذه الثالثة، والمعنى أنه ذكر بنفسه وشرفه وذكر بالوعظ به.

{وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (٨٨)} قال المؤلف -رحمه الله-: [{وَلَتَعْلَمُنَّ} يا كفار مكة {نَبَأَهُ} خبر صِدْقِه {بَعْدَ حِينٍ} أي: يوم القيامة] قوله: {وَلَتَعْلَمُنَّ} جعل المؤلف الضمير في تعلمن عائدًا إلى كفار مكة

<<  <   >  >>