للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (٣٣)}.

{رُدُّوهَا} الضمير راجعٌ إلى الخيل التي عُرضت عليه. أمر أن تُردَّ عليه، وترجع عليه مرَّة ثانية، من أجل أن يقضي عليها غضباً لله عزَّ وجل، وتنكيلاً لنفسه التي تعلّقت بهذه الخيول، وأعرضت بها عن ذكر الله. {فَطَفِقَ}، طفق: فعل ماض من أفعال الشروع، ويكون خبرها فعلًا. وبناءً على ذلك فإن قوله: {مَسْحًا} ليست خبراً لها، بل مصدراً (مفعولاً مطلقًا) للفعل المحذوف الذي هو الخبر، والتقدير: فطفق يمسح مسحاً، والجملة: خبر طفق.

قوله: {مَسْحًا بِالسُّوقِ} يعني يضربها مع سوقها جمع ساق و {وَالْأَعْنَاقِ} مع العنق، لأنّ الخيل تتعلق بها النَّفس، باعتبار المشي، وباعتبار الصفون عند الوقوف، وباعتبار الرقبة وطولها، وما عليها من الشعر وحسن العنق وهو دال على فراهتها، ولهذا ضرب عليه الصَّلاة والسلام مواقع الحسن في الخيل، وهي سوقها وأعناقها.

يقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ-: [ذبحها وقطع أرجلها تقرباً إلى الله حيث اشتغل بها عن الصَّلاة، وتصدق بلحمها فعوضه الله خيراً منها وأسرع وهي الرِّيح تجري بأمره كيف شاء] يُحتمل ما قاله المؤلف، ويُحتمل أنَّه لم يتصدق بها؛ لأنَّه ذبحها تقرباً إلى الله تعالى بإتلافها، وما كان كذلك فإنَّه لا يؤكل. وعلى كل حال يحتمل أن سليمان تصدق بها كما قال المؤلف، أو أكلها، أو تركها، والله أعلم.

<<  <   >  >>