والثَّاني: أن يضمَّن الحرف الذي لا يناسب المتعلَّق حرفاً يناسب المتعلَّق. وذكرنا أن الأولى أن يكون التجوز بالفعل.
قوله:{حَتَّى تَوَارَتْ} قال المؤلف: [أي: الشَّمس (٣٢)} أي: استترت بما يحجبها عن الأبصار].
إذا قال قائل:{تَوَارَتْ} الفاعل ضمير مستتر، والشمس لم يسبق لها ذكر، فلماذا لا يقال:{حَتَّى تَوَارَتْ} أي: الخيل {بِالْحِجَابِ} يعني أنَّها أبعدت حتَّى استترت عنه، وكأنه شغل بالنظر إليها، وهي تتطارد وتتسابق حتَّى وصلت إلى مسافة بعيدة بحيث غابت عنه؟
نقول: لا شك أنَّه معنى محتمل في الآية: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (٣٢)} أي: هذه الخيول أبعدت واستترت. ولكن وردت أحاديث تؤيد ما ذهب إليه المؤلف من أن التي توارت هي الشَّمس. {بِالْحِجَابِ} أي: بما يحجبها عن الأبصار.
فما هو هذا الحجاب؟ الحجاب هو الأرض، كما قال الله تعالى عن ذي القرنين:{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}[الكهف: ٨٦] أي: في البحر، إذاً، الذي يسترها إذا غابت هي الأرض، لأنَّ الأرض كروية الشكل؛ إذا دارت الشمس عليها ووصلت الجانب المنحني؛ لا بد أن تغيب، وهكذا تغيب عن كل قومٍ شيئًا فشيئاً، حتَّى تطلع على مَن غابت عنهم أولاً.