بالأخصّ، وهذا قصور، لكن ربما يُعتذر عن المؤلف بسياق الآية، ولكن هذا العذر لا يقبل؛ من الذي يقول: إن سليمان أراد بذكر ربه صلاة العصر؟ إذ قد يكون أنه أراد ذكر الله في المساء، لأن المساء له أذكار معينة، وتكون صلاة العصر داخلة في هذا الذكر، وهذا هو الصحيح، أن المراد بالذكر في قوله:{ذِكْرِ رَبِّي} عموم الذكر، الذي يدخل فيه صلاة العصر.
وقوله:{عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} يشمل التذكر الذي هو ذكر القلب، ويشمل القول الذي هو ذكر اللسان، ويشمل الفعل الذي هو أفعال الجوارح إذا أدخلنا صلاة العصر في هذا؛ لأن صلاة العصر تشتمل على أنواع الذكر الثلاثة، فيها ذكر بالقلب، وذكر باللسان، وذكر بالجوارح.
وقوله:{عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} في إضافة الربوبية إلى الله، استعطاف من سليمان لله عزّ وجلّ حيث أذعن له في الربوبية التي تقتضي أن يكون مشغولاً بذكره سبحانه وتعالى.
وقوله:{إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} استشكل بعض العلماء تعدي الفعل بـ "عن".
قيل: إن "عن" تعني البدلية هنا، أي: بدل ذكر ربي، وقال بعض العلماء: إن {أَحْبَبْتُ} ضُمّن معنى آثرت، أي: آثرت حب الخير عن ذكر ربي. ومرّ علينا فيما سبق أنه إذا جِيء بمُتعلِّق لا يناسب المتعلَّق ظاهراً فإن لعلماء النحو في ذلك قولين: