فانظر كيف الاهتمام، يقولون: هل نحن اتخذناهم سخريًا في الدنيا وقلنا: إنهم من الأشرار وهم ليسوا منهم؟ هذا أولًا، وإذا كانوا ليسوا منهم فلن يدخلوا النار، أم أنهم كانوا أشرارًا حقيقة، وإن قولنا: إنهم كانوا أشرارًا كلامُ جَدٍّ، وهم الآن في النار، ولكن زاغت عنهم أبصارنا؟ والجواب الأول هو الحقيقي.
ولهذا قال الله عز وجل عنهم:{أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} الهمزة: للاستفهام الإنكاري، سقطت لأجلها همزة الوصل، استغناء عنها، واتخذناهم: فعل ماض، وفاعل، ومفعول به أول، وسخريًا: مفعول به ثانٍ، بضم السين "سُخريًا" وكسرها "سِخريًا" أي: كنا نسخر بهم في الدنيا، والياء للنسب فالسخري أقوى من السخر، كما قيل في الخصوص: خصوصية، للدلالة على قوة ذلك، فافهمه، فإنه جيد.
{أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [أي: أمفقودون هم {أَمْ زَاغَتْ} مالت {عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (٦٣)} فلم نرهم؟ ] والجواب أن يقال: إنكم اتخذتموهم سخريًا وسخرتم بهم، واستهزأتم بهم، ووصفتموهم بالعيب والشر، وهم برآء منه.
قال المؤلف:{أَمْ زَاغَتْ}: مالت {عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} فلم نرهم؟ وهم فقراء المسلمين، كعمار وبلال وصهيب وسلمان] هذا بناء على أن القائلين كفار مكة، أما إذا قلنا بالعموم، فكل زمان له أهل.
قال تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤)} {إِنَّ ذَلِكَ} أي: المشار إليه من كل ما ذكر من تخاصم أهل النار {لَحَقٌّ}، أي: أمر ثابت واقع، وهذا تأكيد لخبر الله عز وجل، مع أن خبر الله كلَّه حقّ