للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس ببعيد ما دمنا نؤمن أن الله عزّ وجلّ حكيم، وأن كل شيء يكون بسبب، فلا يستبعد أن يكون بقاء خلق السماوات والأرض ممتداً إلى ستة أيام هو من أجل هذا، من أجل أن يترتب الخلق بعضه على بعض، وينبني بعضه على بعض، حتى يكون مطابقاً للحكمة، وإلا فنحن نعلم علم اليقين أنه لو شاء الله تعالى لقال: كن فيكون بلحظة، لكن الله تعالى حكيم.

١٩ - ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الحساب في الآخرة؛ لقوله تعالى: {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} الحساب يختلف، حساب المؤمن أن يخلو الله به من غير أن يَطَّلع عليه أحد فيقرره بذنوبه، فيقول: فعلت كذا، وفعلت كذا، حتى إذا رأى أنه هلك، قال الله له: "إني قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم" (١)، هذا حساب المؤمن، وهذا حساب يسير، {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: ٧ - ٨] وما أيسر أن يخلو بك الله عز وجل وحدك، وليس عندكما أحد، ويكلمك وليس بينكما ترجمان، ويقول: إني قد سترتها لك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، الحمد لله على هذه النعمة.

أما الكافر فليس كذلك، الكافر ينادى عليه على رؤوس الخلائق {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨)} [هود: ١٨] يخزون ويفضحون {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨)} فهم يخزون بأعمالهم ويفضحون بها.


(١) انظر ما ورد في "صحيح البخاري" الحديث (٢٤٤١)، وعند مسلم (٢٧٦٨).

<<  <   >  >>