للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٥ - ومن فوائد الآية: الحذر من الانغماس في الدنيا الذي يوجب نسيان يوم الحساب. ومن ثم حرم الشرع كل لهو يلهو به الإنسان - إلا ما استثنى- يعني باطلاً ليس فيه خير، ثم قد يكون محرماً، وقد يكون ضياعاً للوقت بدون تحريم، لكن كل لهو يصد عن سبيل الله ينسي يوم الحساب، ولذلك تجد أقل الناس إيماناً بيوم الحساب أكثرهم ممارسة للملاهي. ولا يمكن أن يقع في قلبه تذكر ليوم الحساب إلا نادراً. إنْ وفق لسماع موعظة أو ما أشبه ذلك وإلا فهو غافل لاه.

١٦ - ويتفرع على هذا: أن يعرف الإنسان عداوة أعداء الله الذين أغرقونا بالملاهي وأنواعها حتى صرفوا الشباب عن ما ينبغي أن يؤهل نفسه له، فأغرقوه بالملاهي بأنواعها حتى صار الإنسان كأنما خلق لهذا اللهو، وصار رأس ماله وعقب ماله كله هو هذا اللهو، لا يتكلم إلا به، ومن فاز به، ومن لم يفز، فضاع الشباب بسبب هذا اللهو الذي انغمسوا فيه، ونسوا يوم الحساب إلا من شاء الله.

١٧ - ومن فوائد هذه الآية: إثبات الأسباب. تؤخذ من قوله تعالى: {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (٢٦)} لأن الباء هذه للسببية.

ويتفرع عن هذه الفائدة إثبات حكمة الله عز وجل، وأنه تعالى لا يفعل شيئاً إلا لسبب يقتضيه، حتى إن بعض أهل العلم قال: إن كون الله عز وجل خلق السماوات والأرض في ستة أيام دون أن يخلقها بلحظة من أجل ترتب هذا الخلق بعضه على بعض، حتى تكون الأسباب فاعلة فعلها فتنتج الشيء شيئاً فشيئاً حتى يتم، وهذا

<<  <   >  >>