ويمكن أن يقال: إن هذا لا يختص بالحكم بين الناس، أي: أن اتباع الهوى سبب للإضلال عن سبيل الله في كل شيء، حتى في غير الحكم، حتى في المعاصي الخاصة التي في نفسك إذا اتبعت هواك فيها فاعلم أن هذا سبب في الإضلال عن سبيل الله، فعليك أن تتوقى المعاصي فإنها شر كلها.
١١ - ومن الفوائد: أن دين الله تعالى واحد لا يتشعب لقوله: {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} فأفردها، ويدل لهذا قوله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣]، فسبيل الله واحدة، وما خالفها فهو المتشتت. فهذا سببه الهوى، وهذا سببه خشية الناس، وهذا سببه كذا، وهذا سببه كذا، فتفرق السبل.
١٢ - ومن فوائد الآية الكريمة: الثناء العظيم على شريعة الله، وذلك بإضافتها إلى الله، لأن كل ما أضيف إلى الله فإنه إذا كانت الإضافة خاصة فإن الإضافة تدل على شرفه.
١٣ - ومن الفوائد: أن الضالين عن سبيل الله متوعدون بهذا الوعيد {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} أي: قوي، ويتفرع من هذه الفائدة الحذر من الضلال عن سبيل الله.
١٤ - ومن الفوائد: أن من أسباب الضلال عن سبيل الله نسيان يوم الحساب، والغفلة عنه، والانغماس في الدنيا حتى تنسي الإنسان ما خُلِق له، وما هو مقبل عليه، ولهذا قال: {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (٢٦)} [ص: ٢٦] أي: غفلوا عنه. وليس المراد بالنسيان الذهول الذي يعفى عنه، بل المراد بالنسيان الترك الذي هو الغفلة وعدم المبالاة به.