للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر تسكن بعد الفاء والواو وثم. {فَلْيَذُوقُوهُ} أي: فليكتووا بحره، والاكتواء بحره هو ذوق، وذوق كل شيء بحسبه، فالطعام والشراب يذوقه الإنسان بمذاق الفم، والنار يذوقها بحرارتها في أي موضع من مواضع الجسم، والبرد كذلك يذوقه بلسعه في أي موضع من الجسم {فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ} قال المؤلف: [أي: ماء حار محرق، {وَغَسَّاقٌ} بالتخفيف والتشديد ما يسيل من صديد أهل النار] نعوذ بالله.

{هَذَا}: مبتدأ، و {حَمِيمٌ}: خبر، {وَغَسَّاقٌ}: معطوف عليه، وتكون جملة {فَلْيَذُوقُوهُ} معترضة بين المبتدأ والخبر للمبادرة بإهانتهم، فإن قوله: {فَلْيَذُوقُوهُ} لا شك أنه إهانة، فمن أجل المبادرة قدّم هذا على الخبر، أي: قدّم قوله: {فَلْيَذُوقُوهُ} وأصل الكلام على الترتيب: هذا حميم وغساق فليذوقوه.

انظر للشراب {حَمِيمٌ}: ماء حار، وليست حرارته سهلة أو يسيرة، قال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: ٢٩] أولًا لا يأتيهم هذا الشراب بسهولة، إنما يأتيهم بعد أن يعطشوا عطشًا شديدًا ثم يسألوا الله أن يغيثهم من هذا العطش، وإذأ أغيثوا يغاثوا بهذا الماء كالمهل يشوي الوجوه، إذا دنى من وجوه مَن يشربوه شواها، قال العلماء: تتساقط لحوم الوجه، ثم إذا شربوا في البطون قطع أمعاءهم، قال تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: ١٥] فيقطع ظاهرهم وباطنهم والعياذ بالله، قارن بين هذا الشراب وبين شراب أهل الجنة: {أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ

<<  <   >  >>