للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن أريد بالرحمة صفة الله عزَّ وجل؛ يعني: أن هذا من رحمتنا؛ أي: ناشئ عن رحمة الله، فالرحمة هنا غير مخلوقة؛ لأنّ صفات الله سبحانه وتعالى غير مخلوقة.

إذا كلام المؤلف لا يمكن أن يُخطَّأ على الإطلاق؛ حيث فسر الرحمة بالنعمة، ومعلوم أنّ الأشاعرة يفسرون رحمة الله بالنعمة والإحسان، ولا يرون أن لله رحمة هي صفته، فكلام المؤلف لا ينتقد من كل وجه لاحتمال أن يكون المراد بالرحمة ما وهب الله له من الأهل ومثلهم معهم، يعني أراد بها الموهوب، والموهوب لا شك أنَّه مخلوق، أما إذا أردنا أن نفسر قوله: {رَحْمَةً مِنَّا} برحمة من عندنا، أي: الرحمة التي هي صفة الله عزَّ وجل، أي: أن هذا ناشئ من رحمتنا، الرحمة التي نحن متصفون بها، فإن تفسير المؤلف هنا ليس صحيحًا؛ لأنَّ الرحمة هنا تكون صفة من صفات الله، وليست بمعنى نعمة يعني خلقاً بائناً عن الله عزَّ وجل.

قوله: {رَحْمَةً} تُعرب مفعول لأجله، وهذه علة سابقة، والعلل قسمان: علل غائية منتظرة، وعلل سابقة موجبة، فمثلًا إذا غضب الإنسان وضرب ولده، الضرب هنا من الغضب، لأنَّ العلة سابقة موجبة. أما إذا سافر الإنسان ليتَّجر، فهنا العلة غائية لاحقة.

{رَحْمَةً مِنَّا}، {مِنَّا} يعني نفسه تبارك وتعالى، وأتى بصيغة الجمع، تعظيماً لله عزَّ وجل. والغريب أن الجمع من الألفاظ المتشابهة التي استدل بها النصراني على تعدُّد الآلهة، لأنَّ النصراني

<<  <   >  >>