و {مَسَّنِيَ} يعني أصابني، و {الشَّيْطَانُ} هو شيطان الجن.
وكان الشَّيطان قد آذاه. ولكن هل هو إيذاء نفسي بأن ألقى في قلبه الوساوس التي أنهكت بدنه، أو أنَّه إيذاء حسّى كما قال بعضهم: إنّ الشَّيطان نَفَث في جسده، حتَّى أصبح جسده كله جدري يعني حبوباً ضارة، فالله أعلم؛ يُحتمل هذا وهذا.
قوله: {مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (٤١)} النصب يعني الضرر، والعذاب يعني الألم.
يقول المؤلف:[ونسبَ ذلك إلى الشَّيطان، وإن كانت الأشياء كلُّها من الله تعالى، تأدباً معه تعالى] نسب ذلك إلى الشَّيطان، لأنَّه السبب، وإلا فالأمر كله بقدر الله، والله تعالى بحكمته سلّط عليه الشَّيطان، ولكن تسلطه كان بقضاء الله وقدره. وأقول: نسبه إلى الشَّيطان، لأنَّه هو المباشر للعلة، وهو سبب لا شك، ولكنه سبب مباشر. وفي الحقيقة أنّ الشَّيطان إنَّما سُلِّط عليه بقضاء الله وقدره. والمؤلف يرى أَنَّه نَسبَ إلى الشَّيطان تأدُّباً، وإلا فالأصل نسبته إلى الله، فهو كقوله تعالى:{وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}[الجن: ١٠] فالجن قالوا: {أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ}، ومعلوم أنّ مُريد الشر هو الله عزَّ وجل لحكمة، {أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}، فهم حذفوا الفاعل تأدباً مع الله عزَّ وجل؛ لأنّ الشر ليس إليه.
على كلّ حالٍ الشَّيطان هو الذي مسَّ أيوب، ومسَّه إمَّا أن يكون مساً نفسياً أو حسياً.