٨ - ومن فوائد الآية: أن أعداء الرسل بل أعداء الرسالة يطلقون ألقاب السوء على من تمسك بالشرع، يضعون ألقاب السوء لكل من تمسك بالشريعة؛ لقولهم:{هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} وقد حصل هذا، فإن أهل التعطيل مثلاً يصفون أهل الإثبات من السلف بأنهم حشوية مجسمة ممثلة رعاع غوغاء وما أشبه ذلك من ألقاب السوء من أجل أن ينفروا الناس، والعجب أن هؤلاء الذين يضعون ألقاب السوء لو تأملنا لوجدنا هذا اللقب الذي وضعوه للمتمسكين بشريعة الله، يصدق عليهم هم، ألم يبلغكم قول المنافقين في الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه، قالوا: ما رأينا مثل قُرّائنا هؤلاء أرغبَ بطوناً، ولا أكذبَ ألسناً ولا أجبنَ عند اللقاء من هؤلاء القراء (١). وهذه الأوصاف الثلاثة تنطبق عليهم هم، فهم أكذب الناس ألسناً، وأجبن الناس عند اللقاء، وأرغب الناس بطوناً، وليس لهم هَمٌّ إلا بطونهم.
٩ - ومن فوائد هذه الآيات: أن هؤلاء المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام لم يقيموا عليه حجة في ما كذبوه فيه، وليس عندهم إلا السبّ والعيب، وهذا يدل على ضعف حجة من ناوأك، فإذا وجدت الذي ناوَأك ليس عنده إلا الصراخ والعويك، ولطم الخد، ونتف الشعر وما أشبه ذلك، فاعلم أنه ليس له حجة إنما يريد أن يشوش عليك، لعلك تنهزم، وإلا فصاحب الحجة يدلي بحجته
(١) أورده الطبري في "تفسيره" ٦/ ٤٠٩ (١٦٩٢٧ و ١٦٩٢٨ و ١٦٩٣٠)، وابن كثير في "تفسيره" ٤/ ١٧١، سورة التوبة) الآية: ٦٥.