للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يتوارث أهل مِلَّتين، وجاء في ذلك حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، فالملة هي الدين الذي يكون عليه المَرْء من عقائد وعبادات وأخلاق.

وقوله: {فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} قال المؤلف: [أي: ملة عيسى عليه السلام] لأن عيسى هو آخر الرسل قبل محمد - صلى الله عليه وسلم -، لم يكن بينه وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي، وما قيل عن نبوة بعض العرب مثل خالد بن سنان أو غيره فإنه لا صحة له، وذلك لأن العرب ليس فيهم رسول إلا إسماعيل عليه الصلاة والسلام ومحمد - صلى الله عليه وسلم -، وما سوى ذلك فكل ما يُدَّعَى من أن في العرب رسولاً أو نبياً فهو كذب.

يقول: {فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} أي: ملة عيسى عليه الصلاة والسلام، وذلك أن الذي سمعوه في ملة عيسى هو أن الله ثالث ثلاثة، وهذا ليس بتوحيد. والعجب من ضلال النصارى حيث يقولون: إننا نوحّد الله، وهم يقولون: إن الله ثالث ثلاثة، فأين التوحيد في ثلاثة، لا يمكن أن تجعل الثلاثة واحداً؟ ! ولهذا يعتبر هذا من أضل ما ضل فيه النصارى، وهم كما هو معلوم ضالون، ولكن هذا من أشد ما يكون من الضلال. كيف تقول: إنك موحد وأنت تقول: إن الله ثالث ثلاثة: مريم وابنها والله، فالعرب الذين في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما سمعوا في ملة عيسى توحيداً، وإنما سمعوا فيها تثليثاً، فكأنهم يقولون: أنت يا محمد أتيت بملة لم تكن لمن قبلك، فالذين من قبلك آخرهم الملة النصرانية، وهم لا يقولون بالتوحيد.


(١) حديث حسن أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" ١١/ ٢٤٥ (٦٦٦٤)، وأبو داود (٢٩١١).

<<  <   >  >>