للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيء، أي: طلب الإفهام عنه، يقال: استفهم عن كذا، أي: طلب الإفهام عنه. هذا الأصل، لكن سياق الكلام يغير المعاني الأصلية إلى ما يقتضيه السياق، فالمراد به هنا التشويق، وله نظير، مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: ١٠] المراد به هنا التشويق، وقد يكون المراد بالاستفهام التهويل مثل: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١] يقول: [{هَلْ} استفهام هنا للتعجب والتشويق إلى استماع ما بعده {أَتَاكَ} يا محمَّد] جعل المؤلف الخطاب هنا للرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن يجوز أن يكون الأمر كما ذهب إليه المؤلف، ويجوز أن تكون الكاف لكل مَن يصح خطابه، أي: وهل أتاك أيها المخاطب، وإذا قلنا بهذا القول صارت دلالة الآية أعمّ.

والقاعدة عندنا في التفسير أنه كلما كان أعم فإنه أولى، وعليه فيكون المراد بالكاف هنا المخاطبة لكل من يصح خطابه، واعلم أن كل خطاب في القرآن الكريم موجه إلى مخاطب فإنه على ثلاثة أقسام:

الأول: أن يدل الدليل على أنه عامّ فيؤخذ بعمومه.

الثاني: أن يدل الدليل على أنه خاصّ فيؤخذ بخصوصه.

الثالث: أن لا يكون هناك دليل لهذا ولا لهذا فيؤخذ بعمومه.

مثال الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١]

<<  <   >  >>