وتأثر الجوارح: القيام بطاعة الله بالجوارح الظاهرة مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصوم، وغير ذلك.
فالفائدة من إنزال هذا القرآن المبارك تتركز على شيئين، هما: التدبُّر والتذكُّر.
{وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)} أولو: بمعنى أصحاب، وهي ملحقة بجمع المذكر السالم، لأنه ليس لها مفرد من لفظها، بل لها مفرد من معناها. إذا قلنا: إنها بمعنى أصحاب، صار مفردها من المعنى صاحب، فأولو: جمع صاحب باعتبار المعنى.
وقوله:{أُولُو الْأَلْبَابِ} قال المؤلف: [أصحاب العقول] لأن صاحب العقل هو الذي يتعظ أما مَن لا عقل له، فإنه لا ينتفع بذلك.
والعقول هنا، هي عقول الرشد، لأن العقل عقلان: عقل إدراك، وعقل رشد. فعقل الإدراك هو ما يتعلق به التكليف. وعقل الرشد ما يكون بحُسْن التصرُّف. فالكفار مثلاً لهم عقول إدراك، لأن هذا هو الذي يتعلق به التكليف وليس لهم عقول رشد، لأنهم لم يُحسنوا التصرف. وكل مَن لا يَحْسُن التصرف، فإنه يصح أن ينفى عنه العقل، قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٤٤)} [البقرة: ٤٤] ونحن فيما بيننا إذا وجدنا شخصاً يسيء التصرف، قلنا: إنه غير عاقل، وإن كان عاقلًا من حيث الإدراك، لكنّه غير عاقل من حيث التصرف.