اختبرناه، والضمير في {فَتَنَّا} يعود على الرب عزَّ وجل، وجاء بضمير الجمع تعظيماً، لا تعديداً، لأنَّ الله سبحانه وتعالى واحد، ولكنه تارةً يعبِّر عن نفسه بلفظ الإفراد، وتارةً يعبِّر عن نفسه بلفظ الجمع، ولم يبين الله سبحانه وتعالى هذه الفتنة، لا عينها ولا نوعها، ولهذا ينبغي لنا أن نبهمَ ما أبهمه الله، ونُجمل ما أجمله، ونعلم أَنَّه إذا كان هنالك فائدة لنا في تعيين ما أبهمه لذكره، لأنَّ الله تعالى يقول:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل: ٨٩] فكل شيء فيه مصلحة لا بد أن يبيِّنه الله عزَّ وجل لنا، ولهذا نقول: إنّ هذه الفتنة إذا سألنا سائل: ما نوعُها، وما عيُنها؟ نقول: الله أعلم، لأنَّ الله تعالى لم يبيِّنها لنا، ولم تَرد في خبر عن معصوم، فوجب علينا أن نسكت.
وأمَّا ما ذُكر في هذا الموضع من الإسرائيليات؛ فإنَّها إسرائيليات كاذبة لا تليق بمقام النبوة، ولكن الإسرائيليون أتوا بها لأنهم لا يعتقدون أنّ داود وسليمان رسولان، بل يعتقدون أنَّهما مَلِكان، والملِك يجوز عليه كل شيء.
يقول المؤلف: [{فَتَنَّا سُلَيْمَانَ}: ابتليناه بسلب ملكه] ثم بدأ المؤلف بذكر القصة الإسرائيلية بسلب مُلكه، وذلك لتزوجه بامرأة هواها، وكانت تعبدُ الأصنام -نسألُ الله العافية-، هم جعلوا داود وسليمان كليهما عشيقين، ليس لهما همّ إلَّا النساء. وداود، -كما قالوا- أراد أن يتزوّج امرأة شخص، وكان عنده تسع وتسعون المرأة، فأراد أن يكمل المئة.