هؤلاء يتمرّدون على سليمان، أو يؤدّون من في مملكته؛ لأجل أن ينزل بهم بطشه، ويُعرف أَنَّه قوي، وذو سلطة، وسيطرة على هؤلاء الجن.
قال تعالى: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٩)}، {هَذَا} المشار إليه ما سخَّره الله له من الرِّيح والسلطة على الشياطين.
{عَطَاؤُنَا} يعني الذي أعطيناك إياه؛ لأنَّه قال:{وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}[ص: ٣٥] فأعطاه الله هذا العطاء، والذي فهمنا مما أعطاه تسخير الرِّيح، وتسخير الشياطين.
قال المؤلف: [{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ} أعط منه من شئت، {أَوْ أَمْسِكْ} عن العطاء {بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٩)} أي: لا حساب عليك في ذلك].
أعطاه الله تعالى هذا المُلك، وقال له: أنت بالخيار، امنن على مَن شئت، وأمسك المنّة عمّن شئت، لا حساب عليك في ذلك. وهذا من التخيير المطلق في التصرف.
وقال: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠)}، لما ذكر الله ما مَنَّ على سليمان عليه السَّلام في الدُّنيا؛ ذكر ما منَّ عليه في الآخرة، وهو أن له عند الله مرتبة عالية في الآخرة، {لَزُلْفَى} قريبة من الله عزَّ وجل، {وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠)} أي: حسن مرجع، لأنَّ مرجعه إلى الجنَّة، التي فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى} ذكرنا فيما سبق أن العندية المضافة إلى الله تنقسم إلى قسمين: عندية علم (عندية الصفة)، وعندية قرب، كما