للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى العامّ على المعنى الخاصّ، وهذا نقص بلا شكّ، إلا إذا قام الدليل على ذلك فليتبع الدليل.

فقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: ١٧٣] هذا عامّ، ولكن إذا طبقنا هذا الكلام على الواقع وجدنا أن المرادَ بالناس الخاصَّ. {قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} القائل واحد {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} أيضاً ليس كل الناس قد جمعوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذين لم تبلغهم الدعوة لم يجمعوا له، فيكون تفسيرنا الناس بخاصٍّ في هذه الآية، تفسيراً دلّ عليه الواقع، أما إذا لم يكن دليل فإن الواجب إبقاء القرآن على عمومه إنْ كان من العامّ، وعلى إطلاقه إنْ كان من المطلق.

هنا نقول: إن المؤلف -رحمه الله- جعل الانطلاق من مجلس خاصٍّ، وهو المجلس الذي اجتمعوا فيه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أبي طالب حين قال: "قولوا: لا إله إلا الله" ولكن الأولى أن نجعله عامّاً يشمل هذا المجلس وغيره.

قوله تعالى: {أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} أن امشوا واصبروا هل المراد هنا المشي بالقدم؟ أو المراد المشي على الطريقة؟ بمعنى سيروا على طريقتكم واصبروا على آلهتكم، من نظر إلى الانطلاق، {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ} قال: إن المراد بذلك المشي بالقدم، بمعنى أنهم إذا انطلقوا حثَّ بعضهم بعضاً على المشي والسير؛ لئلا يعودوا فيعرِّجوا على ما انطلقوا منه، كأنهم إنما ينطلقون فراراً، فيوصي بعضهم بعضاً بالمشي. وإذا نظرنا إلى المعنى أو إلى عموم أحوالهم قلنا: إن

<<  <   >  >>