للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - ومن فوائدها: الإشارة إلى أن من الناس مَن يتقوَّل على الله، فيدعي أنه رسول، وهو ليس كذلك، وحينئذٍ نقول: من ادعى الرسالة فإن جاء بآية تدل على صدقه فهو رسول، وإلا فليس برسول، هذا قبل النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أما ما بعد النبي عليه الصلاة والسلام فمن ادعى الرسالة فهو كاذب، لأن الله تعالى يقول: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠] فمن ادعى الرسالة، وأن الله تعالى أرسله بعد محمد عليه الصلاة والسلام فهو كاذب مرتد عن الإسلام ويجب قتله، ولا يرد على هذا أن عيسى عليه السلام ينزل آخر الزمان بصفته رسولًا؟ لأنه كان رسولًا قبل محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم هو أيضًا لا يأتي بشيء جديد، بل يأتي بشيء أقرَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبر به من قبل، وهو أنه يقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، ولا يقبل إلا الإسلام (١) يعني أن أخذ الجزية من غير المسلمين لإقرارهم على دينهم له أمد في الشريعة الإسلامية.

٥ - ومن فوائد قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٨٧)} أن هذا القرآن الكريم ذكر للعالين عمومًا يتذكرون به، لكن لا ينتفع به إلا المؤمنون، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} [يونس: ٥٧] وهذا عام {وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: ٥٧] وهذا خاص إذا جعلنا الهدى بمعنى التوفيق، وإذا قلنا الهداية هداية الإرشاد صار عامًا.


(١) أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب قتل الخنزير (٢٢٢٢)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم حاكمًا بشريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - (١٥٥) (٢٤٢).

<<  <   >  >>