معجزة، فإن القرآن -كما سبق- قد تحدى اللهُ فيه الناسَ أن يأتوا بحديث مثله وإن قَلَّ.
قال:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} هذه البسملة آية من كتاب الله يؤتى بها في ابتداء كل سورة إلا سورة براءة فإنه لا يؤتى بها، وذلك أن الصحابة رضي الله عنهم لما كتبوا المصحف أشكل عليهم هل براءة بقية الأنفال. أو هي سورة مستقلة؟ فوضعوا فاصلاً دون بسملة؛ لأنه لو جزموا بأنها من الأنفال لم يضعوا فاصلاً، ولو جزموا بأنها مستقلة لوضعوا البسملة، ولكن هذا الاجتهاد منهم نعلم أنه هو المطابق للواقع، وأنهم مصيبون فيه قطعاً، وذلك لأن البسملة لو نزلت بين الأنفال وبراءة لبقيت، لأن الله يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩] فلما لم تبق باجتهادٍ من الصحابة عُلِم أنهم كانوا مصيبين للواقع.
والبسملة جار ومجرور، ومضاف إليه، وصفة، أي: نعت. والقاعدة النحوية: أن كل جار ومجرور لا بد له من متعلَّق، أي: من شيء يتعلق به، والشيء الذي يتعلق به الجار والمجرور هو العامل، والجار والمجرور معمول، ولهذا قال ناظم الجمل:
لا بد للجار والمجرور من التعلّق ... بفعل أو معناه نحو مرتقي
واستثنى كل زائد له عمل ... كالباء ومن والكاف أيضاً ولعل