{وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً} متعدية بنفسها، فهي بمعنى ينتظر، أي: ما ينتظر هؤلاء، أي كفار أهل مكة، كما قال المؤلف:[أي: كفار مكة]{إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} يصاح بهم، واحدة لا تعاد مرة أخرى، كما قال الله تعالى:{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}[القمر: ٤٦]، وقال أيضًا: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ} [القمر: ٤٩ - ٥٠]، وقال:{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}[يس: ٥٣] فالصيحة هي التي تكون يوم القيامة، كما قال المؤلف:[هي نفخة القيامة تحل بهم العذاب] وهي الساعة، هذه الصيحة الواحدة {مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)} [بفتح الفاء وضمها، أي: رجوع].
{مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)} ما: نافية، وليست هنا حجازية لاتفاق التميميين والحجازيين على عدم عملها, لأن الحجازيين يعملونها بشرط الترتيب، أي: تقدم الاسم على الخبر، وهنا لم يتقدم الاسم على الخبر، بل تأخر، فهي إذًا نافية، ولها: جار ومجرور خبر مقدم. و {مِنْ فَوَاقٍ} من: حرف جر زائد للتأكيد، و {فَوَاقٍ} مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. أما من حيث التصريف قال المؤلف:[إنها بفتح الفاء وضمها] فَواق وفُواق، ومعناه الرجوع وقيل: معناه الإمهال، يعني إنها لا تمهلهم، بل تأخذهم بسرعة، وقيل: إنها إن كانت فَواق فهي بمعنى الرجوع لأنها من أفاق يفيق إذا رجع إلى عقله، وإذا كانت فُواق فهي بمعنى الإمهال مأخوذ من قولهم: فُواق الناقة، وفُواق