الحمد لله الذي لم يزل ولا يزال. وهو الكبير المتعال. خالق الأعيان والآثار. ومكور النهار على الليل والليل على النهار. العالم بالخفيات. وما تنطوي عليه الأرضون والسماوات. سواء عنده الجهر والأسرار. ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار. ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير خلق الخلق بقدرته. وأحكمهم بعلمه وخصهم بمشيئته. ودبرهم بحكمته. لم يكن له في خلقهم معين. ولا في تدبيرهم مشير ولا ظهير. وكيف يستعين من لم يزل بمن لم يكن. ويستظهر من تقدس عن الذل بمن دخل تحت ذيل التكوين. ثم كلفهم معرفته. وجعل علم العالمين بعجزهم عن إدراكه إدراكاً لهم. كما جعل إقرار المقرين بوقوف عقولهم عن الإحاطة بحقيقته إيماناً لهم. لا تلزمه لم. ولا يجاوره أين. ولا تلاصقه حيث. ولا تحله ما. ولا تعده كم. ولا تحصره متى. ولا تحيط به كيف. ولا يناله أين. ولا تظله فوق. ولا تقله تحت. ولا يقابله جزء. ولا تزاحمه عند. ولا يأخذه خلف. ولا يحده أمام. ولا تظهره قبل. ولم تفته بعد. ولم تجمعه كل. ولم توجده كان. ولم تفقده ليس. وصفه لا صفة له. وكونه لا أمد له. ولا تخالطه الأشكال والصور. ولا تغيره الآثار والغير. ولا تجوز عليه الحماسة والمقارنة. وتستحيل عليه المحاذاة والمقابلة. إن قلت لم كان فقد سبق العلل ذاته. ومن كان معلولاً كان له غيره علة تساويه في الوجود. وهو قبل جميع الأعيان. بل لا علة لأفعاله. فقدرة الله في الأشياء بلا مزاج. وصنعه للأشياء بلا علاج. وعلة كل شيء صنعه ولا علة لصنعه.
وإن قلت، أين هو؟ فقد سبق المكان وجوده. فمن أين الأين. لم يفتقر وجوده إلى أين. هو بعد خلق المكان. غني بنفسه كما كان قبل خلق المكان. وكيف يحل في ما منه بدا. أو يعود إليه ما أنشأ. وإن قلت ما هو؟ فلا ماهية له. ما موضوعة للسؤال عن الجنس، والقديم تعالى لا جنس له. لأن