سنة. قال: والجريب قفيز بالقرطبي، والقسط قدر ثمن ربع الزيت بالقرطبي. قال الحسن: وكان عطاء سليمان خمسة آلاف، وكان على زهاء ثلاثين ألفاً من الناس، وكان يخطب الناس في عباءة يلبس نصفها ويفرش نصفها، وإذا خرج عطاؤه أمضاه وكان يسف الخوص ويأكل من عمل يديه.
وقال الحسن: قدم على عمر بن الخطاب وفد من أهل البصرة مع أبي موسى الأشعري، قال: فكنا ندخل عليه وله في كل يوم خبز يلث، فربما وافقناها مأدومة بسمن وأحياناً بزيت وأحياناً باللبن، وربما وافقنا القديد اليابس قد دق ثم أغلي عليه بماء، وربما وافقنا اللحم العريض وهو قليل. فقال لهم يوماً: إني والله أرى تقذيركم وكراهيتكم لطعامي، وإني لو شئت لكنت أطيبكم طعاماً وأرفهكم عيشاً، وأما والله ما أجهل كراكر وأسمنة وصناباً وصلائق، قال: والصلاء الشواء والصناب الخردل والصلائق الخبز الرقائق، ولكني سمعت الله عير قوماً بأمر فعلوه فقال:{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا}(الاحقاف: ٢٠) .
فكلمنا أبو موسى فقال: لو كلمتم أمير المؤمنين لفرض لكم من بيت المال طعاماً تأكلونه. فكلمناه فقال: يا معشر الأمراء، هل ترضون لأنفسكم ما أرضاه لنفسي؟ فقلنا: يا أمير المؤمنين، إن المدينة أرض العيش بها شديد، ولا نرى طعامك يغنينا ولا يؤكل طعامك، وأنا بأرض ذات ريف وإن أميرنا يغنينا وإن طعامه يؤكل! قال: فنظر ساعة ثم رفع رأسه فقال: قد فرضت لكم من بيت المال شاتين وجريبين. فإذا كان بالغداة فضع إحدى الشاتين على أحد الجريبين، فكل أنت وأصحابك ثم ادع بشراب واسق الذي عن يمينك ثم اسق الذي عن شمالك ثم قم لحاجتك، فإذا كان العشاء فضع الشاة الغابرة على الجريب الآخر فكل أنت وأصحابك، ألا وأشبعوا الناس في بيوتهم وأطعموا عيالهم، والله ما أرى رستاقاً يؤخذ منه كل يوم شاتان وجريبان إلا يسرعان في خرابه! وكان عمر قد أطعم جريبين بالخل والزيت لثلاثين رجلاً فكفاهم، فأجراه على كل رجل في كل شهر ممن كان في الدواوين، مكان ما كانت فارس تجريه على خيولهم وأساورتهم. وقال سعيد بن المسيب وأبو سلمة: كان عمر بن الخطاب أبا العيال يسلم على أبوابهن ويقول: ألكن حاجة وأيتكن تريد أن تشتري شيئاً؟ فيرسلن معه بحوائجهن، ومن ليس عندها شيء اشترى لها من عنده. وإذا قدم الرسول من بعض الثغور يتبعهن بنفسه في منازلهن بكتب أزواجهن ويقول: أزواجكن في سبيل الله وأنتن في بلدة رسول الله، إن كان عندكن من يقرأ وإلا فاقربن من الأبواب حتى أقرأ لكن. ثم يقول: الرسول يخرج يوم كذا وكذا فاكتبن حتى نبعث بكتبكن. ثم يدور عليهن بالقراطيس والدواة ويقول: هذه دواة وقرطاس فادنين من الأبواب حتى أكتب لكن. ويمر بالمغيبات فيأخذ كتبهن فيبعث بها إلى أزواجهن.
وقال الربيع بن زياد الحارثي: كنت عاملاً لأبي موسى الأشعري على البحرين، فكتب إليه عمر بن الخطاب يأمره بالقدوم عليه هو وعماله، وأن يستخلفوا جميعاً. فلما قدمت المدينة أتيت برقا فقلت: يا برقا مسترشد وابن سبيل! أي الهيئات أحب إلى أمير المؤمنين أن يرى فيها عماله؟ فأومأ إلى الخشونة، فعمدت إلى خفين مطارفين ولبست جبة صوف ولبست عمامتي على رأسي، فدخلنا على عمر بن الخطاب فصففنا بين يديه فصعد فينا وصوب فلم تأخذ عينه غيري، فدعاني فقال: من أنت؟ قلت: الربيع بن زياد الحارثي. قال: وما تتولى من أعمالنا؟ قلت: البحرين. قال: وما ترتزق؟ قلت: ألفاً. قال: كثير فما