للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: تعريف الصرف عند الفقهاء:

الصرف في اصطلاح الفقهاء: «بيع الثمن بالثمن، جنسًا بجنس أو بغير جنس، ويشترط عدم التأجيل والخيار والتماثل» (١).

ثالثاً: تعريف المصرف الإسلامي:

تعريف المصرف الإسلامي: هو «المؤسسة المالية التي تقوم بعمليات الصرافة واستثمار الأموال بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء» (٢).

رابعاً: نشأة المصارف الإسلامية:

يعد القرن الحادي عشر الهجري البداية الفعلية لنشأة البنوك الحديثة حيث قام أول بنك منظم في مدينة البندقية (١٠٠٧ هـ- ١٥٨٧ م)، ثم أنشئ على مثاله بنك أمستردام الهولندي، سنة (١٠٢٩ هـ- ١٦٠٩ م)، ويعد هذا البنك الأنموذج الذي احتذته معظم البنوك في أوروبا التي أسست فيما بعد مع مراعاة اختلاف الظروف من بلد لآخر، وانتقل هذا النظام بحذافيره إلى بلاد المسلمين بسبب الاستعمار، وبسبب ولع وإعجاب بعض تجار المسلمين بالغرب، وانتقلت معها المعاملات المحرمة، وكانت ولا زالت قائمة على الربا، وهو ربا الديون (٣)، وبسبب كون


(١) حاشية ابن عابدين (٥/ ٢٥٧).
(٢) [ينظر: حركة البنوك الإسلامية (ص: ٣٦٨)].
(٣) فالربا ينقسم إلى ربا يقع في الديون، وهو محرم بالقرآن، وربا بيوع، وهو محرم بالسنة، وهو تفاضل ونساء، وبعضهم يقسم الربا إلى ربا خفي وجلي.
يقول ابن القيم في إعلام الموقعين (٢/ ١٠٣): «الربا نوعان: جلي وخفي، فالجلي حرم لما فيه من الضرر العظيم، والخفي حرم؛ لأنه ذريعة إلى الجلي؛ فتحريم الأول قصدا، وتحريم الثاني= =وسيلة: فأما الجلي فربا النسيئة، وهو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، مثل أن يؤخر دينه ويزيده في المال، وكلما أخره زاد في المال، حتى تصير المائة عنده آلافا مؤلفة؛ وفي الغالب لا يفعل ذلك إلا معدم محتاج؛ فإذا رأى أن المستحق يؤخر مطالبته ويصبر عليه بزيادة يبذلها له تكلف بذلها ليفتدي من أسر المطالبة والحبس، ويدافع من وقت إلى وقت، فيشتد ضرره، وتعظم مصيبته، ويعلوه الدين حتى يستغرق جميع موجوده، فيربو المال على المحتاج من غير نفع يحصل له، ويزيد مال المرابي من غير نفع يحصل منه لأخيه، فيأكل مال أخيه بالباطل، ويحصل أخوه على غاية الضرر، فمن رحمة أرحم الراحمين وحكمته وإحسانه إلى خلقه أن حرم الربا، ولعن آكله ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وآذن من لم يدعه بحربه وحرب رسوله، ولم يجئ مثل هذا الوعيد في كبيرة غيره، ولهذا كان من أكبر الكبائر، وسئل الإمام أحمد عن الربا الذي لا شك فيه فقال: هو أن يكون له دين فيقول له: أتقضي أم تربي؟ فإن لم يقضه زاده في المال وزاده هذا في الأجل؛ وقد جعل الله سبحانه الربا ضد الصدقة، فالمرابي ضد المتصدق، قال الله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [سورة البقرة: ٢٧٦]، وقال: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ [سورة الروم: ٣٩]، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [سورة آل عمران: ١٣٠] وأما ربا الفضل فتحريمه من باب سد الذرائع، كما صرح به في حديث أبي سعيد الخدري عن النبي : (لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين؛ فإني أخاف عليكم الرما) والرما هو الربا، فمنعهم من ربا الفضل لما يخافه عليهم من ربا النسيئة، وذلك أنهم إذا باعوا درهما بدرهمين، ولا يفعل هذا إلا للتفاوت الذي بين النوعين - إما في الجودة، وإما في السكة، وإما في الثقل والخفة، وغير ذلك - تدرجوا بالربح المعجل فيها إلى الربح المؤخر، وهو عين ربا النسيئة، وهذه ذريعة قريبة جدا؛ فمن حكمة الشارع أن سد عليهم هذه الذريعة، ومنعهم من بيع درهم بدرهمين نقدا ونسيئة؛ فهذه حكمة معقولة مطابقة للعقول، وهي تسد عليهم باب المفسدة».

<<  <   >  >>