وإذا تقرر عندنا حرمة هذا النوع من الحيل، وأن الشريعة سدت الذرائع المؤدية إلى الحرام، ومنعت وسائل الفساد، وسدت الطرق المؤدية إليه، ودفعها قبل وقوعها، تفرع عن ذلك منع الحيل وإبطالها، لأن الحكم ببطلانها مبني على النظر فيما تؤول إليه من الوقوع في الإثم، ومناقضة قصد الشارع. وهذا عام في كل أحكام الشريعة، ومنه المعاملات المالية.
والمتأمل في حال معاملات الناس اليوم، يجد أن هناك تحيّلاً واضحاً على الحرام، وهذا ما تفعله بعض المصارف الربوية، والمصارف المحافظة (الإسلامية).
ولنأخذ مثلاً المعاملات المالية الإسلامية في البنوك المصرفية سواء منها التقليدية أم الإسلامية، يجد المتأمل أن كثيراً منها وللأسف صار يتجه للأخذ بالصورية المحرمة في العقود، وهذه الصورية ما هي في حقيقتها إلا تحايل على المحرّم!، ومثل هذه الأفعال - ومن باب إحسان الظن بالقائمين على المصارف- سببه الرغبة الكبيرة في نجاح هذه التجربة عند القائمين عليها، والحذر الشديد على أموال المساهمين، والتي دفعت بعض المصارف الإسلامية نحو خيارات أكثر أماناً وأكثر ربحاً، وهذه الرغبة ليست خاطئة، بل يشكرون عليها، لا سيما في المرحلة التي سيفسر أي إخفاق فيها بأنه دليل على فشل الفكرة وليس الممارسة، وسيعطي أعداء المصارف الإسلامية حجة جديدة على ضرورة الربا - كما يزعمون - في نجاح الاقتصاد! ولكن هذه الرغبة الجامحة والحذر الشديد لم يقابلها حرص كافٍ على سلامة الاتجاه، وصحة المسيرة نحو أهداف هذه المصارف الإسلامية.
وبسبب ذلك أصبحت المعاملات المصارف الإسلامية المالية تتجه نحو الأمان والربح أكثر مما تتجه نحو الرؤية والأهداف، حتى اقتربت بعض معاملات المصارف