للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو مُحَمَّدٍ: ليسَ هذا بِثَابِتٍ، والمُسَيِّبُ بنُ وَاضِحٍ ضَعِيفٌ، ليسَ يَصِحُّ عَنِ ابنِ عُمَرَ حَدِيثٌ في الوُضُوءِ، وهذه الأُمَّةُ مَخْصُوصَةٌ بالوُضُوءِ.

قال أبو عُمَرَ: هذِه الأُمَّةُ مَخْصُوصةٌ بالوُضُوءِ، قالَ: ونزلَ فَرْضُ الوُضُوءِ بالمَدِينةِ، قِيلَ له: فبأيِّ شَيءٍ صَلُّوا بمكَّةَ إذ فُرِضتِ الصَّلاةُ بها؟ فقالَ: لا أدرِي، ليسَ كُلُّ شيءٍ يَبْلُغَنا (١).

* قالَ أبو المُطَرِّفِ: قولهُ "فَلَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي" [٨٢]، على معنى الخَبَرِ، وفيهِ مَعْنَى التَّحْذِيرِ، أي لَيَحْذَرُ العَاصِي أنْ يُذَادَ عَنْ حَوْضِي بالعَمَلِ السَّيءِ، وروَى يحيى بنُ يحيى: "فَلا يُذَادَنَّ" على معنى لا يَفْعَلُ فِعْلا يُطَردُ به عَنْ حَوْضِي.

* وقولُه: "ألَا هَلُمَّ، ألَا هَلُمَّ" يَدْعُو إلى حَوْضِه الذين يأتُونَ بِعَلَاماتِ الوُضُوءِ، فيُقَالُ له فيمنْ يُطْرَدُ منهُم عَنِ الحَوْضِ: "إنَّهُم قد بَدَّلُوا بَعْدَكَ"، أي غَيَّروا سُنَّتَكَ وأَحْدَثُوا، وهَؤُلاءِ أهلُ البدَع والمُحْدِثينَ في دِينِ اللهِ المُخَالِفِينَ لِما أَمَرَ اللهُ به ورَسُولُه.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: وقدْ يكُونُ في غيرِ أهلِ البدَع مَنْ هُو شَرٌّ مِنْ أهلِ البِدَع، وذلكَ أنَّ أهلَ البِدَعِ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا بتأويلٍ تَأؤَلُوهَ، وكانُوا بذلكَ أعذرَ مِمَّن تَقَحَّمَ في فِعْلِ الشَّيءِ بعدَ مَعْرِفتهِ بِتَقَحُّمِه (٢).


(١) قال ابن عبد البر في التمهيد ١٩/ ٢٧٩: معلوم عند جميع أهل السير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ افترضت عليه الصلاة بمكة لم يصل إلا بوضوء مثل وضوئنا اليوم، وهذا لا يجهله عالم ولا يدفعه إلا معاند ... إلخ وأشار إلى هذا المعنى أيضًا القرطبي في التفسير ٥/ ٢٣٣.
(٢) قال ابن عبد البر في التمهيد ٢٠/ ٢٦٢: كل من أحدث في الدين مالا يرضاه الله ولم يأذن به الله فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، وأشدهم طردا من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم، مثل الخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهولاء كلهم مبدِّلون، وكذلك الظلمة ... وجميع أهل الزيغ والأهواء والبدع وكل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا عنوا بهذا الخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>