للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ أُبَيٌّ: كُنْتُ أُصَلِّي، فلمْ يُعَنِّفْهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -على ذَلِكَ" (١).

* ومَعْنَى قَوْلهِ: "لأُعَلِمَنَّكَ سُورَةً مَا أَنْزَلَ اللهُ في التَّوْرَاةِ، ولَا في الإنْجِيلِ، ولا في الفُرْقَانِ مِثْلَها" يعني: مَا أَنْزَلَ اللهُ في القُرْآنِ سُورَةً مُفْتَرَضَةً قِرَاءَتُها في الصَّلاَةِ غيرَ أُمِّ القُرْآنِ، ولا تَتِمُّ الصَّلاَةُ إلا بِقِراءَتِها فِيها، وَهِي سُورَةٌ قَسَمَها اللهُ بَيْنَهُ وبينَ عَبْدِه كمَا قالَ - صلى الله عليه وسلم -، وتَولَّى اللهُ تَبارَكَ وتَعَالَى عَدَّ آيَاتِها، فهذَا مَعْنَى "ما أَنْزَلَ اللهُ في القُرْآنِ مِثْلَها"ـ، والقُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى، وكَلاَمهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِه، ليسَ بِخَالِقٍ ولا مَخْلُوقٍ.

* وقولُه - صلى الله عليه وسلم - لأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: "كيْفَ تَقْرَأْ إذا افْتَتَحْتَ الصَّلاَةَ؟ فَقَرأَ عليهِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى اَخِرِها" فَفِي هذا بَيَانٌ لِتَرْكِ التَّوْجيه في الصَّلاَةِ الذي قالَ فيهِ أَهْلُ الكُوفَةِ، وذَلِكَ أنَّهُم قَالُوا: يُلْزَمُ المُصَلِّي بعدَ أن يُكَبِّرَ للإحْرَامِ أنْ يَقُولَ: وَجَّهتُ وَجْهِي للذِي فَطَرَ السَّمَواتِ والأرضَ حَنِيفًا، إلى قَوْلهِ: ومَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، ويَبْتَدِأ القِرَاءَةَ، ولَيْسَ هَذا في حَدِيثِ أُبَيٍّ، ولا فيهِ قِرَاءةُ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قَبْلَ أُمِّ القُرْآنِ (٢).

وقِيلَ لأُمِّ القُرْآنِ السَّبْع المَثَانِي لأنَّها سَبْعُ آيَاتٍ تُثَنَّى في كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلاَةِ.

وذَكَرَ ابنُ سَلاَمٍ (٣) مِنْ طَرِيقِ قَبِيصَةَ بنِ ذُؤيْبٍ أنَّهُ قالَ: لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ أُمَّ القُرْآنِ، وليَقُلْ فَاتِحَةَ الكِتَابِ (٤).


(١) رواه الترمذي (٢٨٧٥)، والبيهقي ٢/ ٣٧٥.
(٢) هذا ليس رأي أهل الكوفة وإنما هو رأي الشافعية، أما أهل الكوفة ومعهم أحمد وغيره فإنهم قالوا بأن المصلي يقول في دعاء الإستفتاح (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك)، أما مالك فإنه يرى بأن المصلي لا يقول شيئًا من ذلك، وإنما يكبر ويقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ينظر: الأوسط ٣/ ٨٥، والمدونة ١/ ١٩٣، والمغني ١/ ٢٨٢.
(٣) هو يحيى بن سلام البصري نزيل إفريقيّة، الإِمام المفسر الصدوق، توفي سنة (٢٠٠)، ينظر: السير ٩/ ٣٩٦.
(٤) لم أقف عليه في تفسير ابن أبي زمنين، وهو ملخَّص لتفسير يحيى بن سلام، والأثر ذكره =

<<  <  ج: ص:  >  >>