للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ غَيْرُه: يُقَالَ لَهَا: أُمُّ القُرْآنِ على مَعْنَى أنَّها أَصْلُ القُرْآنِ، وأَوَّلُ ما يُقْرأُ مِنَ القُرْآنِ.

* قَوْلُ جَابِرِ بنِ عبدِ الله: (مَنْ صَلَّى رَكْعَةً لمْ يَقْرَأْ فِيها بأُمِّ القُرْآنِ فلمْ يُصَلِّ، إلا وَرَاءَ الامامِ) يعني: أنَّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ لا تُجْزِيه إذا صلَّى وَحْدَهُ، فَمَنْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ حَمَلَ عنهُ الإمامُ قِرَاءَتَها إذا لم يَقْرَأْهَا مَعَ الإِمام.

قالَ ابنُ أبي زَيْدٍ: اخْتُلِفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ تَرَكَ قِرَاءَةَ أُمِّ القُرْآنِ في رَكْعَةٍ مِنْ صَلاَتهِ وَهُو يُصَلِّي، فَمَرَّةً قالَ: يُلْغِي مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ التي تَرَكَ القِرَاءَةَ فِيها على حَدِيثِ جَابِرٍ، ثُمَّ يأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيسْجُدَ بعدَ السَّلَامِ، ثُمَّ قالَ: أَرْجُو أنْ يُجْزِيهِ سُجُودُ السَّهْوِ قبلَ السَّلَامِ، ومَا هُو عِنْدِي بالبَيِّنِ، واسْتَحَبَّ ابنُ القَاسِمِ أنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ يُسَلِّمُ ويُعِيدُ الصَّلاَةَ احْتِيَاطًا (١).

قالَ ابنُ المَوَّازِ (٢): إنما اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ في هَذِه المَسْألةِ لإخْتِلاَفِ مَنْ قَبْلَهُ فِيمَنْ تَرَكَ القِرَاءَةَ في بَعْضِ صَلاَتهِ، ورُوي عَنْ عُمَرَ وعَليٍّ إجازَةَ صَلاَةِ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ قِرَاءِةٍ، ولم تَجُزْ صَلاَتُهُ للأَعْجَمِيِّ الذي لا يَقْرَأً، فَلِهَذا أَمَرُهُ مَالِكٌ بالسُّجُودِ، وتُجْزِيه صَلاَتهُ، ثُمَّ نَظَر إلى حَدِيثِ جَابِرٍ فَأَمَرَهُ أنْ يأتِي بِرَكْعَةٍ، إذ لا تُجْزِيه تِلْكَ الرَّكْعَةُ التي لم يَقْرأْ فيها باُمِّ القُرْآنِ (٣).


= السيوطي في الإتقان ١/ ١٤٩، وقال: هذا حديث لا أصل له في شيء من كتب الحديث، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة تسميتها.
(١) لم أجد كلام ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات، وأما قول ابن القاسم فقد نقله سحنون في المدونة ١/ ٢٠١.
(٢) هو محمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندراني، الإِمام الفقيه، صاحب الكتاب المشهور في الفقه، المسمى بالموازية، توفي سنة (٢٦٩)، ويوجد من الموازية قطع مفرقة في المكتبة العتيقة بالقيروان، وقد أدخل الإِمام ابن أبي زيد نصوصا كثيرة منه في كتابه القيم (النوادر والزيادات) ينظر: جمهرة تراجم الفقهاء المالكية ٢/ ٩٨١، ودراسات في مصادر الفقه المالكي ص ١٤٩.
(٣) قال ابن عبد البر في الإستذكار ٢/ ١١٦: وقد روي عن مالك قول شاذ لا يعرفه أصحابه، وينكره أهل العلم به: أن الصلاة تجزئ بغير قراءة على ما روي عن عمر، =

<<  <  ج: ص:  >  >>