للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* حَدِيثُ أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ صَلَّى صَلاَةً لم يَقْرَأْ فِيها بأُمِّ القُرْآنِ فَهِي خِدَاجُ غيرُ تَمَامٍ" أي هِي نَاقِصَةٌ غيرُ تَامَّةٍ.

قالَ أحمدُ بنُ خَالِدٍ: لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ هَذا الحَدِيثِ في الإمَامِ والفَذِّ قالَ أبو السَّائِبِ لأَبي هُرَيْرَةَ: (إنِّي أَحْيَانًا أكُونُ وَرَاءَ الإمَامِ)، فقالَ لَهُ أبو هُرَيْرَةَ: (اقْرَأْ بِها في نَفْسِكَ يا فَارِسِيُّ)، يعني: تَدَبَّرَها في نَفْسِكَ إذا قَرَأَهَا الإمَامُ، وذَلِكَ أنْ تَدَبُّرَهُ إيَّاهَا في نَفْسِه إذا قَرَأهَا الإمَامُ لا يَمْنَعْهُ مِنَ الإنَصَاتِ لِقَرَاءَةِ الإمَامِ، ولا يُنَازِعْهُ بتَدَبُّرِه إيَّاهَا قِرَأتُهُ، وقدْ قالَ الله -عَزَّ وَجَلَّ- (١) {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤] قالَ ابنُ المُسَيَّب (٢): إنما ذَلِكَ في الصَّلاَةِ إذا قَرَأَ بِهَا الإمَامُ فيها وَجَهَر (٣).

قال أحمدُ (٤): فإنْ قِيلَ قدْ رَوَى عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّهُ قَالَ: "لَا صَلاَةَ لِمَنْ لم يَقْرأْ بأُمِّ القُرْآنِ فَصَاعِدًا"ـ (٥) قِيلَ لِقَائِلٍ: هذا الحَدِيثُ قدْ فَسَّرَ ذَلِكَ ابنُ عُيَيْنَةَ -وَهُو الذي رُوَاهُ- قالَ: مَعْنَى هذا الحَدِيثُ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ.

قالَ أَحْمَدُ: وقدْ أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ على أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الإمَامَ رَاكِعًا فَرَكَعَ مَعَهُ أنَّ رَكْعَتَهُ مُجْزِيَةٌ عنهُ، وأنَّ الإمامَ قدْ حَمَلَ عنهُ قِرَاءَةَ أُمِّ القُرْآنِ، والإمامُ لا يَحْمِلُ عَنِ المَأْمُومِ فَرْضًا.

فإنْ قِيلَ: قد رَوَى مَكْحُولٌ عَنْ مَحْمُودِ بنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ أنَّهُ قالَ: "صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ العِشَاءِ فَثَقُلَتْ عليهِ القِرَاءةَ، فلمَّا انْصَرَفَ قالَ: لَعَلّكُم تَقْرَؤُنَ خَلْفَ إمَامِكُم؟ قُلْنَا: أَجَلْ، قالَ: فَلاَ تَفْعَلُوا إلا بأُمِّ القُرْآنِ، فإنَّهُ


= وهي عن مالك رواية منكرة، والصحيح عنه خلافها وإنكارها.
(١) جاء في هنا في الأصل:، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال الله ... إلخ " والصواب ما أثبته.
(٢) ورد في الأصل: (قال أبو هريرة روى ابن المسيب) وهو خطأ ظاهر.
(٣) رواه الطبري في التفسير ٩/ ١٦٣، وابن عبد البر في التمهيد ١١/ ٣٠.
(٤) هو أحمد بن خالد ابن الجبّاب القرطبي الفقيه، تقدم التعريف به.
(٥) رواه البخاري (٧٢٣)، ومسلم (٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>