للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجَاوِزَ بُيُوتَ القَرْيَةِ التي خَرَجَ مِنْها، وتَصِيرُ وَرَاءَهُ.

ويُروَى عَنِ ابنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ قالَ: (لا تُقْصَرُ الصَّلاةُ إلَّا في سَفَرِ الحَجِّ والجِهَادِ) (١).

وقالَ مَالِكٌ: تُقْصَرُ الصَّلَاةُ في الأَسْفَارِ كُلِّها إذا كَانَتْ في طَاعَةٍ ولمْ يَخْرُجِ المُسَافِرُ في مَعْصِيَةٍ، فإذا خَرَجَ في مَعْصِيَةٍ لم يَجُزْ لَهُ التَّقْصِيرُ.

* وقدْ قَصَر ابنُ عُمَرَ الصَّلَاةَ في مَسِيرِه إلى رِيمَ (٢)، وإلى خَيْبرَ، وكانتْ فيه ضَيَاعَهُ التي كانَ مِنها مَعَاشُهُ.

قالَ مَالِكٌ: تُقْصَرُ الصَّلَاةُ في مَسَافَةِ أَرْبَعِينَ دُونَ ثَمَانِيَةٍ وأَرْبَعِينَ مِيلًا.

* قالَ أبو المُطَرَّفِ: قَوْلُ ابنِ المُسَيَّب: (إذا نَوَى المُسَافِرُ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بمَوْضِعٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ) وإنَّما قَالَ ذَلِكَ لَأنَّ مَا دُونَ أَرْبَعَةِ أيَّامٍ وَاقِعٌ في خِدْمَةِ اَلسَّفَرِ، لِقَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَبْقَ المُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بعدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ فَوْقَ ثَلاَثٍ" (٣) فَجَعَلهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الثَّلاَثِ مُسَافِرَاً، وذَلِكَ أنَّ المُهَاجِرِينَ الذين هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ لا يَسْتَوْطِنُونَ مَكَّةَ, لأنَّهُم تَرَكُوهَا وهَاجَرُوا إلى اللهِ ورَسُولِهِ، فَحُكْمُهُم في الإقَامَةِ بِمَكَّةَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حُكمُ المُسَافِرِ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ مَا زَادَ على الثَّلاثِ مِنْ حُدُودِ الإقَامَةِ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: إذا دَخَلَ المُسَافِرُ بَلَدَهُ أَوَّلَ نَهَارِه ونَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِيهَا أَتَمَ صَلَاتَهُ مِنْ وَقْتِ دُخُولِهِ، فإنْ دَخَلَ وقدْ مَضَى جُلُّ النَّهَارِ أَلْغَى ذَلِكَ اليومَ وبدَأَ بالإتْمَامِ مِن أَوَّلِ اليومِ الثَّانِي.


(١) رواه عبد الرزاق ٢/ ٥٢١، وابن أبي شيبة ٢/ ٤٤٦، والطبراني في المعجم الكبير ٩/ ٢٨٨، بإسنادهم إلى ابن مسعود به.
(٢) ريم -بكسر أوله- واد قرب المدينة لا يزال معروفا يفضي سيله إلى النقيع أعلى وادي العقيق، ينظر: كتاب الأماكن للحازمي مع تعليقات العلامة حمد الجاسر -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- ١/ ٤٨٤.
(٣) رواه البخاري (٣٧١٨)، ومسلم (١٣٥٢)، من حديث العلاء بن الحضرمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>