للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على النَّجَاشِيِّ ولَيْسَ بالحَضْرَةِ، أَقْوَى دَلِيلٍ على أَنَّهُ لا يُصَلَّى على جِنَازَةٍ في المَسْجِدِ.

قُلْتُ لَهُ: فَقَدْ صُلِّيَ على عُمَرَ في المَسْجِدِ، فقالَ: إنَّما صُلِّيَ عَلَيْهِ في المَسْجِدِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ قَبْرَهُ كَانَ فيهِ، فَصُلِّي عليهِ عندَ قَبْرِه، ثُمَّ دُفِنَ فِيهِ.

ورَوَى أَبو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ صَلَّى على جِنَازَةٍ في المَسْجِدِ فَلَا شَيءَ لَهُ" (١)، يعنِي: لا أَجْرَ لَهُ.

[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: وإذا صُلّيَ عَلَيْهَا في المُصَلَّى كانَ لَهُ قِيرَاطٌ مِنَ الأَجْرِ، وذَلِكَ مِثْلُ وَزْنِ جَبَلِ أُحُدٍ ثَوَاباً.

قالَ مَالِكٌ: لا يُصَلَّى على جِنَازَةٍ إلَّا بِوضُوءٍ أَو تَيمُّمٍ لِمَنْ لم يَجِد المَاءَ.

وقالَ الشَّعْبِيُّ: (لا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ) (٢)، لأَنَّهُ دُعَاءٌ للمَيّتِ.

قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: وُلِدَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الإثْنَيْنِ لاثْنتَيْ عَشَرَةَ لَيْلَةٍ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ عَامَ الفِيلِ، وتُوفِّي يومَ الإثْنَيْنِ لاثْنتَيْ عَشَرَةَ لَيْلَةٍ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى لإحْدَى عَشَرَةَ سَنَةً مَضَتْ مِن الهِجْرَةِ، وَهُوَ ابنُ سِتِّينَ سَنَةٍ، وقِيلَ: ابنُ ثَلاَثٍ وسِتِّينَ سَنَةً، وصَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا لَا يَؤُمُّهُم أَحَدٌ.

وقَالَ لِي أَبو مُحَمَّدٍ: اللهُ أَعْلَمُ مَا الَّذِي مَنَعَهُم مِنْ أَنْ يَجْمَعُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، وقَدْ كَانُوا أَجْمَعُوا قَبْلَ دَفْنِهِ على خِلاَفَةِ أَبي بَكْرٍ (٣).


(١) سنن أبي داود (٣١٩١)، بإسناده إلى أبي صالح مولى التؤمة عن أبي هريرة.
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٣/ ٣٠٥ - ٣٠٦، وذكر ابن عبد البر في الإستذكار ٣/ ٢٧٧، بأنه مما شذَّ فيه.
(٣) اختلف العلماء في تعليل ذلك، فقيل: هو أمر تعبدي، وقيل: ليباشر كل واحد الصلاة عليه منه إليه، وقال الشافعي: ذلك لعظم أمر رسول الله - صلى عليه وسلم - وتنافسهم في أن لا يتولى الإمامة في الصلاة عليه واحد، وصلوا عليه مرة بعد مرة، وقال ابن العربي: وقيل صلى عليه الناس أفذاذا لأنه كان آخر العهد به فأرادوا أن يأخذ كل أحد بركة مقصوده، دون أن يكون فيها تابعا لغيره، ينظر: القبس ٢/ ٤٤٩، وتنوير الحوالك ١/ ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>