للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قَالَ أَبو المُطَرِّفِ]: قالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: هذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وهُزَيْلُ بنُ شُرَحْبِيلَ الذي رَوَاهُ لَيْسَ بِشَيءٍ (١)، والصَّحِيحُ في هذا قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما نَسَمَةُ المُؤْمِنِينَ طَيْرٌ يُعَلَّقُ في شَجَرِ الجَنَّةِ حتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ إلى جَسَدِه يَوْمَ القِيَامَةِ"، ولَمْ يَقُلْ: أَنَّ الأَرْوَاحَ في أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، وقدْ أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ على أَنَّهُ لا يَصِيرُ رُوُحُ أَحَدٍ في غَيْرِ جَسَدِه الذي خَرَجَ مِنْهُ.

* قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ ابنِ آَدَمَ تَأْكُلُه الأَرْضُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ، منهُ خُلِقَ، وفيهِ يُرَكَّبُ" [٨١٩]، يعنِي بِعَجْبِ الذَّنَبِ: العَظْمَ الصَّغِيرِ الذي يَكُونُ في آخِرِ فِقَارِ الصُّلْبِ، منهُ ابْتَدأَ خَلْقُ آدَمَ، وفيهِ يُرَكَّبُ إذا نُفِخَ في الصُّورِ نَفْخَةَ النُّشُورِ.

وقالَ ابنُ حَبيبٍ: حَرَّمَ اللهُ على الأَرْضِ أَنْ تَأكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبيَاءِ، وسَائِرُ الخَلْقِ تَأكُلُهُم الأرْضُ، ئُمَّ يُبْعَثُونَ في أَجْسَادِهِم التي كَانَتْ في الدُّنيَا، فهِي تَنَالُ نَعِيمَ الجَنَّةِ لِمَنْ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَهِي تُحْرَقُ بالنَّار، قالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت: ٢١].

* قَوْلُهُ: "إذا أَحَبَّ عَبْدِي لِقَائِي أَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وإذا كَرِهَ عَبْدِي لِقَائي كَرِهْتُ لِقَاءَهُ" [٨٢١] وإِنَّما هذَا عندَ فِرَاقِ الدُّنيا والمُعَاينَةِ إلى أَوَّلِ أَسْبَابِ الآخِرَةِ، فإذا كَانَ عَمَلُ العَبْدِ صَالِحًا، ونَظَرَ عندَ مَوْتهِ إلى ثَوَابِ عَمَلِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، فَأحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وإذا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ أَجْلِ مَا يَتَّقِيهِ مِنَ المُجَازَاتِ عَلَيْهِ، فَكَرِهَ اللهُ عندَ ذَلِكَ لِقَاءَهُ.

* حَدِيثُ الرَّجُلِ الذي لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَة قَطُّ حتَّى ماتَ [٨٢٢]، رَوَاهُ حَمَّادُ بنُ


= عن ابن مسعود به في أرواح الشهداء وأنها في جوف طير خضر، وهذه فضيلة خاصة باروح الشهداء، وينظر: التمهيد ١١/ ٦٤.
(١) ما ذكره المصنف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- من نقله عن بعض شيوخه في تضعيف هزيل غير سديد، فإن هذا الراوي ثقة من المخضرمين، روى له البخاري وأصحاب السنن وغيرهم، ينظر: تهذيب الكمال ٣٠/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>