للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُبْدَلَةً، إنْ أَعطَاهُ أَفْضَلَ فَهُوَ إحسَانٌ مِن قِبَلِ الدَّافعِ، وإنْ دَفَعَ أدنَى مِنَ الصِّفَةِ فَقَبلَها وَهُوَ تَجَاوُزٌ مِنَ القَابضِ وصَارَ ذَلِكَ مُبَادَلَةٌ فإنْ دَفَعَ إليه مِنْ غَيْرِ الصِّفَةِ التي سَلم إليه فِيها لَمْ يَجُزْ، لأَنَّهُ يَدخُلُهُ بَيع الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوفَى، ولَم يَكُنْ حِينَئِذٍ مُبَادَلَةً.

* قالَ أَبو المُطرفِ: جَعَلَ [ابنُ مُعَيْقِيبٍ] (١) الدَّوْسِي وسَعدُ بنُ أبي وَقاصٍ القَمحَ والشعِيرَ صِنْفَاَ وَاحِدَاً في مُبَادَلةِ بَعضِهِ بِبَعضٍ، فَقالا فِيهِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، ويَدَاً بِيَدٍ،؛ لأَنَّهُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، وبِهذا قالَ أَهْلُ المَدِينَةِ.

قالَ أبو المُطَرِّفِ: إنَّمَا كَرِهَ ابنُ المُسَيَّبِ لِمَنِ ابْتَاعَ طَعَاماً بِدِينَارٍ ونِصْفِ درْهَمٍ أَنْ يُعطِي مَعَ الدِّينَارِ طَعَاماً لِنِصْفِ الدّرهمِ الزَّائِدِ على الدِّينَارِ، لأَنَّهُ يَصِير ذلِكَ طَعَاماً وذهباً بِطَعَامٍ، فَيدخُلُهُ الطَّعَامُ بالطَّعَامِ لَيْسَ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وكَذَلِكَ إنْ أَعطَاهُ في النّضفِ الدِّرهمِ طَعَاما مِنَ الطَّعَامِ الذي ابْتَاعَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ دَخَلَهُ بَيْعُ الطَّعَامٍ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوفَى، فإذا دَفَعَ إليه دِينَارَاً أَو دِرْهَماً وأَخَذَ بقِيَّةَ دِرْهَمهِ طَعَاماً جَازَ ذلِكَ، لأَنَّهُ يَصِيرُ دِينَاراً ودَرهما في طَعَامٍ، وإنَّمَا تَقَعُ مثلُ هذِه الصَّفْقَةِ في بَلَدٍ لا يَجْرِي فِيهِ إلَّا الدَّرَاهِمُ الصِّحَاحُ، وأَمَّا إذا جَرَتْ فِيهِ القِطَعُ والفُلُوسُ وَجَدَ المُشْتَرِي السَّبِيلَ إلى دَفْعِ دِينَارٍ ونصْفِ دِرْهَمٍ.

* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: وَجْهُ كَرَاهِيةِ مَالِكٍ لِمَنْ سَلَمَ في طَّعَامٍ إلى أَجَلٍ مَحَلَّ الأجَلِ أَنْ يَبِيعَ مِنَ الذي عَلَيْهِ الطَعَامُ طَعَاما بِثَمَنٍ إلى أَجَلٍ ثُمَّ يَقْبضُ ذَلِكَ الطَّعَامَ مِنَ الذي بَاعَهُ مِنْهُ عَنْ سَلَفَهِ الذي لَهُ عَلَيْهِ, لأَنَّ ذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوفَى.


(١) جاء في الأصل: معيقب، والصواب ما أثبته كما في الموطأ، وقال ابن عبد البر في الإستذكار ٧/ ٢١٨: هكذا روى يحيى هذا الحديث فقال فيه: عن ابن معيقيب، وتبعه ابن بكير وابن عفير، وأما القعنبي وطائفة فإنهم قالوا فيه: عن معيقيب أ. هـ قلت: وقد بني الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- شرحه على رواية يحيى وابن بكير، فما أثبته هو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>