أَنَّ للزَّوْجِ فِيهَا شَرِيكَاً، وَلَو لَمْ يَكُنْ لَهُ أيضًا فِيهَا شَرِيكَاً مَا جَازَ لَهُ وَطْئُها، لأَنَّهُ يُنْكِرُ أَنْ تَكُونَ لَهُ أَمَةً، وإنَّمَا ادَّعَاهَا زَوْجَةً فَأَكْذَبَتْهُ البيِّنَةُ، ولَمْ تُعْمَلْ أيضًا شَهَادَةُ المَرْأَتَيْنِ هَهُنَا في الطَّلَاقِ، وإنَّمَا عُمِلَتْ فِي رَجُلَيْنِ [اشْتَرَيَا] (١) مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً بِثَمَنٍ إلى أَجَلٍ ثُمَّ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا زَوْجَة، فَلَمَّا أَكْذَبتْهُ البيِّنَةُ وَجَبَ على الحَكَمِ فُسْخُ النكِّاحِ الذي ادَّعَاهُ المُدَّعِي، وأنْ يُجْمَعَ ثَمَنُ الجَارِيَةِ على بَائِعِهَا الذي شُهِدَ لَهُ بِثَمَنِهَا رَجُلٌ وامْرَأتانِ، وشَهَادَةُ النِّسَاءِ لَا تَجُوزُ في الطَّلاَقِ كَمَا لا تَجُوزُ في العِتْقِ، وإنَّمَا تَجُوزُ في الأَمْوَالِ وفِيمَا يَحْضَرْنَ فِيهِ مِنَ الوَلاَدَةِ، وعِيُوبِ النِّسَاءِ التي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ.
قالَ أَبو مُحَمّدٍ: وكَذَلِكَ مَسْأَلةُ المَرْأتيْنِ اللَّتيْنِ شَهِدَتَا مَعَ الرَّجُل أَنَّ الذي افْتَرَى عَلَيْهِ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، فَيَسْقُطُ بِذَلِكَ الحَدُّ عَنِ المُفْتَرِي، فإنَّمَا يَسْقُط ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ أنَّ شَهَادَةَ المَرْأتيْنِ هَهُنَا إنَّمَا هِي في مَالٍ، وذَلِكَ أَنَّ العَبْدَ مَالٌ مِنَ الأَمْوَالِ، ثُمَّ وَجَبَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقْضِي الحَكَمُ في قُصَّةٍ أُخْرَى بَيْنَ حُرٍّ وعَبْدٍ، افْتَرَى الحُرُّ على العَبْدِ فَلَمْ يُلْزَمِ الحُرُّ في ذَلِكَ حَدًّا، إذ لَا يُحَدُّ الحُرُّ في افْتِرَائِهِ، وشَهَادَةُ النِّسَاءِ لَا تَجُوزُ في الفِرْيَةِ، ولَا في الحُدُودِ.
قالَ مَالِكٌ: ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: لَا يَكُونُ اليَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ الوَاحِدِ، ويُحْتَجُّ بقَوْلهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢].
قالَ: فإذَا لَمْ يَأْتِ المُدَّعِي بِمِثْلِ هَذِه البينَةِ، أَو يَأْتِي بِشَاهِدَيْنِ فَلَا شَيءَ لَهُ، ولَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الوَاحِدِ.
* قالَ مَالِكٌ: فَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ هَذا: أَرَأَيْتَ لَو أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى على رَجُلٍ مَالًا أليْسَ يَحْلِفُ المَطْلُوبُ وتَسْقُطُ عَنْهُ الدَّعْوَى، فإنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ أليْسَ يَحْلِفُ الطَّالِبُ، ويَأْخُذُ مِنْهُ مَا يَدَّعِيهِ، فَهَذا مَا لَا خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَمَنْ أَقَرَّ
(١) في الأصل: اشترايا، وهو خطأ والصواب ما أثبته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute