يَسْتَطِيعُ النُّهُوضَ لِطَلَبِ شُفْعَتِهِ، وإنَّمَا في هَذا اجْتِهَادُ السُّلْطَانِ إذا نَزَلَ عَنْ [أَفْضَلِ مَا يَرَاهُ] (١)، وإذا كَانَ الشَّفِيعُ حَاضِرًا فَالشُّفْعَةُ لَهُ إلى انْقِضَاءِ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ البَيْع، وعَلَيْهِ اليَمِينُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَوَقُّفُهُ عَنِ الأَخْذِ بالشُّفْعَةِ تَرْكًا مِنْهُ لَهَا، فإذا حَلَفَ أَخَذَ شُفْعَتَهُ، وللمُبْتَاعِ تَوْقِيفُ الشَّفِيعِ عِنْدَ السُّلْطَانِ، فإمَّا أَخَذَ الشُّفْعَةَ، وإمَّا تَرَكَهَا، فإنْ أَخَذَها أَخَّرَهُ السُّلْطَانُ بالثَّمَنِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ونَحْوِهَا على حَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ قِلَّةِ المَالِ وكَثْرَتهِ.
وقالَ ابنُ عَبْدِ الحَكَمِ: مَنِ ابْتَاعَ مَا فِيه شُفْعَةٌ لِرَجُلٍ حَاضِرٍ فَأَقَامَ المُشْتَرِي بِحَضْرَةِ الشَّفِيعِ خَمْسَ سِنِينَ، ثُمَّ طَلَبَ شُفْعَتَهُ، أَنَّهُ يَحْلِفُ الشَّفِيعُ باللهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بالبَيع، وأَنَّهُ لم يَزَلْ مُجْمِعًا على الأَخْذِ بالشُفْعَةِ، ثُمَّ تَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحمَنِ: الصَّغِيرُ الذي لَا وَصِيَّ لَهُ على شُفْعَتِهِ حتَّى يَبْلُغَ ويَرْشَدَ، والبِكْرُ على شُفْعَتِهَا حتَّى تُنْكَحَ ويَبْنِي بِهَا زَوْجُهَا، ويُعْرَفَ حَالُهَا ورُشْدُهَا، فإنْ كَانَ عَلَيْهِمَا وَصِيٌّ رَفَعَ المُشْتَرِي ذَلِكَ إلى القَاضِي فَكَلَّفَهُ البيِّنَةَ على أَنَّ التَّرْكَ لَهُمَا أَفْضَلُ أَو الأَخْذُ بالشُّفْعَةِ، فإذا أَمَرَهُ القَاضِي بالتَّرْكِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ شُفْعَةٌ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحمنِ: إنَّمَا لَمْ تَكُنْ الشُّفْعَةُ في البَئْرِ إذا قُسِمَتِ الأَرْضُ وبَقِيتِ البئْرُ التِّي تُسْقَى بِهَا تِلْكَ الأَرْضُ المَقْسُومَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ غَيْرُ مَقْسُومَةٍ، وكَذَلِكَ فَحلُ النَّخْلِ إذا قُسِمَتِ النَّخْلُ وبَقِيَ ذَلِكَ الفَحْلُ الذي تُذَكَّرُ بهِ تِلْكَ النَّخِيلُ المَقْسُومَةُ، فبَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنْ تِلْكَ البئْرِ أَو مِنْ فَحْلِ النَّخْلِ لَمْ يَكُنْ في ذَلِكَ شُفْعَةٌ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقَسِمُ ولَا يُحَدَّدُ بَعْدَ القِسْمَةِ، وإنَّمَا الشُّفْعَةُ فِيمَا يُحَدَّدُ وُيقْسَمُ، وأما إذا كَانَتِ الأَرْضُ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ فَبَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنَ البِئْرِ فإنَّ الشُّفْعَةَ في ذَلِكَ لِشُرَكَائِهِ، وكَذَلِكَ النَّخِيلُ إذا لَمْ تَكُنْ مَقْسُومَةً ولَهَا فَحْلٌ تُذَكَّرُ بهِ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنَ الفَحْلِ فإنَّ لِشُرَكَائِهِ الشُّفْعَةَ في ذَلِكَ إنْ
(١) ما بين المعقوفتين ليس واضحا في الأصل، وقد اجتهدت ما رأيته مناسبا مع السياق، وينظر: الإستذكار ٧/ ٥٥٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute