أَقَلُّ مِنَ السُّدُسِ لَمْ يَنْقُصْ مِنَ السُّدُسِ، لأَنَّهُ يَأْخُذُ بالوِلَادَةِ [لَا بالزِّيَادَةِ] (١)، ولَا سَبِيلَ إلى تَغَيُّرِ فَرْضِ الوِلَادَةِ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَذْهَبُ مَالِكٍ في الجَدِّ مَعَ الإخْوَةِ مَذْهَبُ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، يُقَاسِمُ بِهَ الإخْوَةُ المِيرَاثَ إذا كَانَ المُقَاسَمَةُ خَيْرًا لَهُ مِنَ الثُلُثِ وهَذا إذا انْفَرَدَ الجَدُّ والإخْوَةُ بالمَالِ، أَو يُعْطِيهِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ أَهْلِ الفَرَائِضِ، أَو السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ المَالِ، وذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ الجَدِّ أَقْوَى مِنْ سَبَب الإخْوَةِ، لأَنَّهُ يَأْخُذُ مَعَ الوَلَدِ الذَّكَرِ السُّدُسُ، ولَيْسَ يَأخُذُ الإخْوَةُ مَعَ الوَلَدِ الذَّكَرِ شَيْئًا، فَلِهَذا الوَجْهِ أُضِيفَ إلى سُدُسِ الجَدِّ الذي يَسْتَحِقُّهُ بالرَّحِمِ سُدُس أخَرُ، فَأُعْطِيَ الثُلُثُ لِتَأْكِيدِ قَرَابَتِهِ، وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الجَدَّ يَحْجِبُ الإخْوَةَ للأُمِّ عَنِ الثُلُثِ، والإخْوَةُ للأَبِ لَا يَحْجِبُونَهُ عَنْهُ، فَبِهَذا السَّبَبِ يَأْخُذُ الثُلُثُ.
قالَ: وأَمَّا مُقَاسَمَةُ الجَدِّ الأُخْتَ المِيرَاثَ فَيَأْخُذُ الجَدُّ الثُلُثَيْنِ والأُخْتُ الثُلُثُ إذا انْفَرَدَا جَمِيعَا بالمِيرَاثِ، فَمِنْ أَجْلِ أَنَّ الأَخَ لَمَّا كَانَ يُقَاسِمُ الأُخْتَ وَهُوَ أَضْعَفُ حَالًا مِنَ الجَدِّ، وكَانَتِ الأُخْتُ تَأْخُذُ مَعَ أَخِيهَا الثُّلُثَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ مَعَ الجَدِّ، ولَمْ يَنْقُصِ الجَدُّ مِنَ الثُلُثَيْنِ إذْ كَانَ أَقْوَى سَبَبًا مِنْ أَخِيهَا.
وأَمَّا مَسْأَلَةُ: (فإنَّهُ لَمَّا لَمْ يَبْقَ للأُخْتِ شَيءٌ لا تَأْخُذُه ولَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهَا فُرِضَ لَهَا النِّصْفُ ضَرُورَةً)، وذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ في سُدُسِ الجَدِّ، ولَا في ثُلُثِ الأُمِّ، ولَا في نِصْفِ الزَّوْجِ، ولَا بُدَّ أَنْ تُعْطَى فَرِيضَتَها، إذْ لَيْسَ في هَذِه المَسْأَلةِ مَنْ يَمْنَعُهَا المِيرَاثَ، ولَا مَنْ يَحْجِبُهَا عَنْهُ، فَاُعْطِيتْ فَرِيضَتَها، وَهِيَ النِّصْفُ، ثُمَّ تَرْجِعُ إلى أَصْلِ المَسْأَلَةِ، فَيُجْمَعُ سَهْمُهَا وسَهْمُ الجَدِّ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا، فَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ للجَدِّ سَهْمَانِ، وللأُخْتِ سَهْم.
وأَمَّا مُعَادَةُ الإخْوَةِ والأَخَواتِ الشَّقَائِقِ الجَدَّ بالإخْوَةِ والأَخَوَاتِ للأَبِ فَيَمْنَعُونَهُ بِهِم كَثْرَةُ المِيرَاثِ، فَمِنْ أَجْلِ أَنَّ الإخْوَةَ للأَبِ والأُمِّ يَحْتَجُّونَ على
(١) ما بين المعقوفتين لم يظهر في الأصل، واجتهدت في وضعه بما يتناسب مع السياق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute