للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْلِمَهُ أَسْلَمَهُ بِجِنَايَتِهِ، فَيُعْطَى اليَهُودِيُّ أَو النَّصْرَانِيُّ دِيةَ جَرْحِهِ مِنْ ثَمَنِ العَبْدِ أَو ثَمَنِهِ كُلِّهِ إن أَحَاطَ بِثَمَنِهِ [٣٢١٢].

قالَ ابنُ القَاسِمِ: وهَذِه المَسْأَلةُ خَطَأ فِي الكِتَابِ، وقَدْ كَانَ يُقْرَأُ هَكَذا عَلَى مَالِكٍ فَلَا يُغيرُهُ، وإنَّمَا الأَمْرُ فِيهِ إذا أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ فِي الجِنَايةِ فَبِيعَ أَنَّ للنَصْرَانِيِّ أَو اليَهُودِيِّ جَمْيعُ الثَّمَنِ الذِي يُبَاعُ بهِ كَانَ أَقَلَّ مِنْ دِيةِ جَرْحِهِ أو أَكْثَرَ.

قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: الصَّحِيحُ فِي هَذِه المَسْأَلةِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي المُوطَّأ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّصْرَانِى لَا يَتَمَلَّكُ العَبْدَ المُسْلِمَ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِهِ إذا بِيعَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الجِنَايةِ إذا زَادَ ثَمَنُهُ عَلَى قِيمَتِهَا، والبَاقِي يَكُونُ للمُسْلِمِينَ، ولَا يَكُونُ مِنْهُ شَيء للسَّيِّدِ، لأَنَّهُ قَدْ كَانَ أَسْلَمَهُ فِي الجِنَايةِ (١).

[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: ذَكَرَ أَبو دَاوُدَ فِي مُصَنَفِهِ حَدِيثَاً مِنْ طَرِيقِ عَمْروِ بنِ شُعَيْب، عَنْ أَبيهِ، عَنْ جَدِّه أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "دِيةُ المُعَاهِدِ مِثْلُ نِصْفِ دِيةِ الحُرِّ المُسْلِمِ" (٢)، وبِهَذا حَكَمَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ فِي المَدِينَةِ بِحَضْرَةِ التابِعِينَ، وَهُوَ خِلاَفُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: (إنَّ دِيةَ المُعَاهِدِ مِثْلُ دِيةِ الحُرِّ المُسْلِمِ) (٣)، ويَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ} [النساء: ٩٢]

قالَ أبو مُحَمَّدٍ: هَذا كَلاَلم مَعْطُودت عَلَى أَوَّلِ قَوْلهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}، ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}، يَعْنِي: إنْ كَانَ المَقْتُولُ مُؤْمِنَاً وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ كَفَرَةٍ أَعْدَاءٍ للمُؤْمِنِينَ


(١) قال ابن عبد البر في التمهيد ٩/ ٣٣٨: لا خلاف علمته فيه بين العلماء أن اليهودي والنصراني لا يسلم إليهما عبد مسلم بجنايته.
(٢) سنن أبي داود (٤٥٨٣).
(٣) هذا قول أبي حنيفة وأصحابه والثور وغيرهم، ينظر: الحجة لمحمد بن الحسن الشيباني ٤/ ٣٢٢، والتمهيد ١٧/ ٣٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>