للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعِيَاثتهُ فإنَّهُ يُقْطِعُ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ، ومَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَ، أَوْ يَقْطَعَ طَرِيقًا ضُرِبَ ضرْبًا وَجِيعًا، ونُفِيَ إلى بَلْدَة يُسْجَنُ فِيهِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ.

وقالَ عِيسَى: وَيجُوزُ للإمَامِ قَتْلُ هَذا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ والإجْتِهَادِ ولِيَرْتَدِعَ بِذَلِكَ (١) غَيْرُهُ.

قالَ عِيسَى: لَيْسَ عِنْدَنا في تَعْزِيرِ الإمَامِ لِمَنْ وَجَبَ تَعْزِيرُهُ بالسَّوْطِ حَدٌّ مَوْقُوفٌ عِنْدَهُ، وذَلِكَ إلى اجْتِهَادِ الإمَامِ، وقدْ كَتَبَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إلى أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيّ ألَّا يَزِيدَ في التَعْزِيرِ عَلَى الثَّلَاثِينَ سَوْطًا (٢)، ولأَنْ يُخْطِيءُ الإمَامُ في العَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَجَاوَزَ في العُقُوبَةِ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: مَنْ سَرَقَ عَبْدًا جَاهِلًا لا يَعْرِفُ شَيْئًا، أَو سَرَقَ صَبيًّا صَغِيرًا مِنْ حِرْزِهِ فإنَّهُ يُقْطَعُ، وأَمَّا إذا كَانَ عَبْدًا نَافِذًا في أَمْرِهِ (٣) فإنَّهُ لا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَهُ، ولَكِنَّهُ يُؤَدِّبُهُ السُّلْطَانُ الأَدَبَ المُوجِعَ، وكَذَلِكَ يَفْعَلُ بالمُخَنَّثينَ (٤).

قالَ عَلِيُّ بنُ أَبي طَالِبٍ: (يُقْطَعُ يَدُ النَّبَّاشِ، لأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى المِيّتِ بَيْتَهُ) (٥)، يَعْنِي: دَخَلَ عَلَيْهِ في قَبْرِهِ، واسْتَخْرَجَ أَكْفَانَهُ، (٦) وإنَّمَا قِيلَ للنبَّاشِ مُخْتَفٍ، لأَنَّهُ يَخْتَفِي بِفِعْلِهِ ذَلِكَ عَنِ النَّاسِ، وقالَ اللهُ: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: ٢٥ - ٢٦]، يَعْنِي: أَنَّهَا تَضُمُّ الخَلْقَ وَهُمْ أَحْيَاءٌ عَلَى ظَهْرِهَا، وتَضُمُّهُمْ إذا مَاتُوا وصَاروا في القُبُورِ، فإذا أَخْرَجَ النَبّاشُ الكَفَنَ مِنَ القَبْرِ وبَلَغَتْ قِيمَتُهُ رُبع دِينَارٍ فَصَاعِدًا قُطِعَتْ يَدُهُ.

* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: رَوَى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيىَ بنِ سَعِيدٍ، عَنْ


(١) من هنا تبدأ نسخة (ق) في هذا الموضع.
(٢) في (ق): ثلاثين سوطا، والأثر رواه ابن أبي شيبة ١٠/ ١٠٥ - ١٠٦.
(٣) في (ق): أموره.
(٤) جملة (وكذلك يفعل بالمخنثين) لا توجد في (ق).
(٥) رواه أبو داود (٤٤٠٩) من قول حماد بن أبي سليمان معلقًا.
(٦) هنا في الأصل: وقال غيره، ولا توجد هذه الجملة في (ق)، وهذا هو الصحيح مراعاة لسياق الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>