للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدِ بنِ يَحْيِى بنِ حِبَّانَ: (أنَّ غُلَامًا لِعَمِّه يُقَالُ لَهُ فتيْل، وقِيلَ: فِيلٌ، سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ، فَغَرسَهُ في حَائِطِ سَيِّدِه) (١)، ثُمَّ ذَكَرَ الحَدِيثَ كَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ في المُوَطَّأ [٣١٠٤].

[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ] (٢): في هَذا الحَدِيثِ مِنَ الفِقْهِ: أَنَّهُ لا قَطْعَ في الثِّمَارِ المَغْرُوسَةِ إذا سُرِقَتْ مِنْ- حِرْزٍ كَثُرتْ قِيمَتُهَا أَو قَلَّتْ، لِقَوْلهِ: "لا قَطعَ في [ثَمَرٍ ولا كثَرٍ] " (٣).

قالَ أَبو عُمَرَ: وإنْ كَثُرَ ثَمَنُهَا, ولَكِنْ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُعَاقِبَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ مِنَ العُقُوبَةِ.

وفِيهِ: بَيَانُ [العَالِمِ] (٤) للإمَامِ إذا أَرادَ أنْ يَقْضِي بِخِلَافِ السُّنَّةِ.

وفِيهِ: رُجُوعُ الإمَامِ إلى قَوْلِ العَالِمِ إذا عَلِمَ أَنَّ الحَقَّ في قَوْلهِ، كَمَا رَجَعَ مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ إلى مَا أخْبَرَهُ بهِ رَافِعُ بنُ خَدِيجٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّهُ قالَ: "لا قَطْعَ في ثَمَرٍ ولَا كَثَرٍ"، يَعْنِي: لا تُقْطَعُ يَدُ مَنْ سَرَقَ مِنَ الثِّمَارِ المُعَلَّقَةِ في رُؤُوسِ الشَّجَرِ، ولَا عَلَى مَنْ قَلَعَ كَثَرًا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ فَغَرسَهُ في حَائِطِه، والكَثَرُ: الجُمَّارُ، وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ، وجَمِيعُ نُقُولِ الثِّمَارِ، فَمَنْ سَرَقَها مِنْ حِرْزٍ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ، وعَلَيْهِ الضَّمَانُ لِقِيمَةِ مَا سَرَقَ، وُيؤَدِّبُهُ السُّلْطَانُ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ مِنَ الأَدَبِ.

وقالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَحْنُونَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَرَقَ شَجَرَةً أو نَخْلَةً مِنْ دَارِ رَجُلٍ فإنَّهُ يُقْطَعُ.


(١) رواه البيهقي في السنن ٨/ ٣٦٢، وابن عبد البر في التمهيد ٢٣/ ٣٠٦، بإسنادهما إلى حماد بن زيد، ورواه ابن ماجه (٢٥٩٣) من طريق سفيان عن يحيى بن سعيد الأنصاري به. والودي. بفتح الواو وكسر الدال المهملة وتشديد التحتية - النخل الصغير.
(٢) في الأصل، و (ق): ع، وقد أبدلته بذكر الإسم صريحًا، كما هي عادته في مواضع كثيرة.
(٣) جاء في الأصل: (كثير الثمار)، وهو خطأ، والصواب ما ذكرته كما في رواية الموطأ.
(٤) من (ق)، وفي الأصل: العلم، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>