* [قالَ عَبدُ الرَّحْمَنِ]: مَعْنَى سُؤَالِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الضَّبَابِ حِينَ جُعِلَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ للأَكلِ، فَقَالَ: "مِنْ أينَ لَكُمْ هَذِه؟ "،لَمْ يُرِدْ بِسُؤَالِهِ عَنْهَا: هَلْ هِيَ مِنْ حَلاَلٍ أَو حَرَامٍ؟، وإنَّمَا أَرَادَ أنْ يَعْلَمَ: كَيْفَ وَصَلُوا إليهَا؟.
وتَأَوَّلَ قَوْمٌ هَذا الحَدِيثَ، فَقَالُوا: لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامٌ أنْ يَأْكُلَ مِنْهُ حَتَّى يَسْألَ: هَلْ هُوَ مِنْ حَلاَلٍ أَو حَرَامٍ؟، ولَيْسَ لَهُمْ فِيهِ حُجة، لأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَتَّهِم الذِينَ وَضَعُوا ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِكَسْبِ الحَرَامِ وَقَدْ سَقَوْهُ في ذَلِكَ الحِينِ لَبَناً كَانَ عِنْدَهُمْ فَشَرِبَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلهُمْ، وحُكْمُ مَنْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَخُوهُ أو صَدِيقُهُ طَعَاماً أَنْ يَأكُلَ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الذِي وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ خَبيثُ المَكْسَبِ فَلَا يَأْكلْ مِنْ طَعَامِهِ، وَإنَّمَا امْتَنَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَكلِ الضَّبِّ مِنْ أَجْلَ رَائِحَتِهِ، كَرِهَ أَنْ يَلْقَى بِهَا جِبْرِيلَ - صلى الله عليه وسلم - عنْدَ نزولهِ عَلَيْهِ بالوَحِي، ولَمْ يُحَرِّمْ أَكْلَهُ عَلَى غَيْرِهِ.
وقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - لِمَيْمُونَةَ في جَارِيَتِهَا الَّتي كَانَتْ شَاوَرَتْهُ في عِتْقِهَا، فقالَ لَهَا: "أَعْطِهَا أُخْتَكِ وَصِلِي رَحِمَكِ، فإنَّهُ خَيْرُ لَكِ"، فَدَلَّ هَذا الحَدِيثُ عَلَى أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ أَفْضَلُ مِنَ العِتْقِ.
* [قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: أَمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقَتْلِ الكِلاَبِ المُؤْذِيةِ الَّتي مَنِ اقْتَنَاهَا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ الصَّالح قِيرَاطَانِ مِنَ الأَجْرِ، وذَلِكَ أَنَّ اتِّخَاذَهُ لَهَا سَبَبٌ إلى أَنْ يُحْرَمَ مِنَ العمَلِ الصَّالح مِقْدَارَ قِيرَاطَيْنِ مِنَ الأَجْرِ، وأُبِيحَ لَهُ اتَّخَاذُهَا للصَّيْدِ والمَاشِيةِ للضَّرُورَةِ إليهَا، وقَدْ أَبَاحَ اللهُ سُبْحَانَهُ أَكْلَ المَيْتَةِ عِنْدَ الضرُورَةِ.
[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: أَصْلُ الفَدِيدِ رَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَ الحَرَكَةِ، والعَمَلُ نَحْوَ مَا يَفْعَلُهُ الجَمَّالُونَ عِنْدَ سَقْيهِم الجِمَالَ وعِنْدَ رَحِيلِهِم عَلَيْهَا.
قالَ مَالِكٌ: وَالفَدَّادُونَ هُمْ أَهْلُ الجَفَاءِ (١).
* وقَوْلُهُ: "وَالفَخْرُ والخُيَلاَءُ في أَهْلِ الخَيْلِ"، يَعْنِي: الذِينَ يُمْسِكُونَهَا
(١) نقل قول مالك: الباجي في المنتقى ٧/ ٢٩٠، وابن عبد البر في التمهيد ١٨/ ١٤٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute