للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنتَاجِ، وأما أَصْحَابُ الغَنَم فَهُمْ أَهْلُ سَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، وذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يُفَدْفِدُونَ عِنْدَ سَقْيهَا [ولا عِنْدَ رَحِيلِهِم] (١) بِذَلِكَ.

[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: وقَوْلُهُ: "رَأْسُ الكُفْرِ نَحْوَ المَشْرِقِ"، يُرِيدُ أنَّهُم كَانُوا في ذَلِكَ الوَقْتِ كُفَّارَاً، وإنَّمَا فُتِحَ المَشْرِقُ في أَيَّامِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وسَكَنَهُ المُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَهَابِ الكُفَّارُ مِنْهُ.

* قَوْلُهُ: "يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمَاً يَتبعُ بِهَا شُعَفَ الجِبَالِ"، يُرِيدُ: بِرَعْيهَا فِيمَا تَشَعَّبَ مِنَ الجِبَالِ والمَوَاضِعِ الوَعِرَةِ.

"يَفِرُّ بِدِينِهِ"، يَعْنِي: يَفِرُّ مِنَ الفِتَنِ الذِي يُذْهِبُ بالدِّينِ.

وفِي هَذا مِنَ الفِقْهِ: اعْتِزَالُ النَّاسِ عِنْدَ فَسَادِ أَحْوَالِهِمْ كَيْفَمَا يُمْكِنُ الإعْتِزَالُ، لأَنَّ مُصِيبَةَ الدِّينِ لَا تَنْجَبِرُ.

ومَنْ رَوَى هَذِه اللَّفْظَةَ "يَتْبَعُ بِهَا شُعَبَ الجِبَالِ" فإنَّهُ يَعْنِي: أَطْرَافَ لجِبَالِ وأَعَالِيهَا.

[قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ]: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: "لَا يَحْلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشيةَ أَحَدٍ إلَّا بإذْنِهِ"، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَلَّا يَسْتَبِيحَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِه إلَّا بإذْنِهِ، لأَنَّهُ إذْ نَهَى - صلى الله عليه وسلم -عَنْ حَلْبِ اللَّبَنِ بغَيْرِ إذْنِ صَاحِبهِ- وَهُوَ يُحْلَبُ غُدْوَةً وَيعُودُ عَشِيّهً في الضِّرْعِ فَمَا كَانَ مِمَّا لَا يَعُودُ أَحْرَى أَنْ لَا يَسْتَبِيحُهُ أَحَدٌ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ في ذَلِكَ صَاحِبُهُ.

وقَوْلُهُ: "أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤتَى مَشْرَبَتَهُ فَتُكسَرَ خِزَانَتُهُ"، يَعْنِي: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى غُرْفَتُهُ فَيُكْسَرُ قُفْلُهَا وُينتقَلُ طَعَامُهُ، فَمَعْنَى هَذا: أنْ يَكْرَه الإنْسَانُ لأَخِيهِ المُسْلِمِ مَا يَكْرَهَهُ لِنَفْسِهِ، ولَا يَرْضى في مَالِ أَخِيهِ مَالاَ يَرْضَاهُ في مَالِ

نَفْسِهِ.

* * *


(١) ما بين المعقوفتين لم يظهر في الأصل، واجتهدت بما رأيته مناسباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>