للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأكيد الحكم فيما خصه. وقول عائشة غير مقبول لأن عمر مثبت، وقد رواه عمرو بن عبسة وأبو هريرة وابن عمر وغيرهم. والنهي عن الصلاة بعد العصر متعلق بالصلاة، لا نعلم فيه خلافاً، وأما بعد الفجر فيتعلق بطلوع الفجر، وبه قال ابن المسيب وأصحاب الرأي. قال النخعي: كانوا يكرهون ذلك، يعني: التطوع بعد طلوع الفجر. وعنه: النهي متعلق بفعل الصلاة، روي عن الحسن والشافعي.

ولا أعلم خلافاً في المذهب أنه لا يجوز أن يبتدئ صلاة التطوع في هذه الأوقات، غير ذات سبب، وهو قول الشافعي. وقال ابن المنذر: رخصت طائفة في الصلاة بعد العصر. وحكي عن أحمد: لا نفعله ولا نعيب فاعله، لقول عائشة: "ما ترك ركعتين بعد العصر عندي قط"، ١ ولا الأحاديث الصحيحة الصريحة، وحديث عائشة روي عنها أنه خاص به صلى الله عليه وسلم.

وأما التطوع لسبب، فالمنصوص عن أحمد: أن الوتر يفعل قبل صلاة الفجر، وبه قال مالك والشافعي، وأنكره عطاء والنخعي، واحتجوا بعموم النهي. ولنا: حديث أبي بصرة، مرفوعاً: " إن الله زادكم صلاة، فصلوها ما بين العشاء إلى صلاة الصبح ". ٢ احتج به أحمد. وأحاديث النهي الصحيحة ليست صريحة في النهي بعد الفجر.

وأما قضاء سنة الفجر بعدها فجائز، إلا أن أحمد اختار أن يقضيها من الضحى، وقال: إن صلاها بعد الفجر أجزأه. وقال الشافعي: يقضيهما بعدها، لحديث قيس بن فهد، وسكوته صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز. وقال أصحاب الرأي: لا يجوز لعموم النهي.

وأما قضاء السنن الراتبة بعد العصر، فالصحيح جوازه، لفعله صلى الله عليه وسلم. ومنعه أصحاب الرأي.

وأما قضاء السنن في سائر أوقات النهي، وفعل ما له سبب، كتحية المسجد وسجود التلاوة، ففيه روايتان: إحداهما: لا يجوز، لعموم النهي.


١ البخاري: مواقيت الصلاة (٥٩١) , ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٨٣٥) , والنسائي: المواقيت (٥٧٤) , وأبو داود: الصلاة (١٢٧٩) , وأحمد (٦/٩٦, ٦/١٠٩, ٦/١١٣, ٦/١٦٩, ٦/٢٠٠, ٦/٢٥٣) , والدارمي: الصلاة (١٤٣٥) .
٢ أحمد (٦/٧) .

<<  <   >  >>