للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب الغصب]

وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب، فقوله تعالى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} . ١ وأما السنة، ففي قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام". ٢ وأجمعوا على تحريمه في الجملة، وإنما اختلفوا في فروع منه نذكرها:

يضمن العقار بالغصب، وبه قال مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يتصور غصبه، ولا يضمنه بالغصب. فإن أتلفه ضمنه، لأنه لا يوجد فيه النقل. ولنا: قوله: "من أخذ شبراً من الأرض، طُوِّقه يوم القيامة"، ٣ وفي لفظ: "من غصب شبراً".

وإن غصب أرضاً وزرعها ثم ردّها، فعليه الأجرة. وإن أدركها ربها والزرع قائم، خيِّر بين تركه بأجرة مثله وبين أخذه بعوض؛ وهل ذلك قيمته أو نفقته؟ على روايتين؛ وهذا قول أبي عبيد، وقال أكثر الفقهاء: يملك إجبار الغاصب على قلعه، لقوله: "ليس لعِرق ظالم حق". ٤ ولنا: قوله: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته". ٥ حسنه الترمذي. وحديثهم ورد في الغرس، وحديثنا في الزرع، فيجمع بين الحديثين. وأحمد ذهب إلى هذا استحساناً، فإن القياس: أن الزرع لصاحب البذر؛ قال أحمد: هذا شيء لا يوافق القياس، أستحسن أن تدفع إليه نفقته، للأثر. وإن غصب شجراً فأثمر، فالثمر لصاحب الشجر، بغير خلاف نعلمه،


١ سورة النساء آية: ٢٩.
٢ أحمد (٣/٣١٣) .
٣ البخاري: المظالم والغصب (٢٤٥٣) , ومسلم: المساقاة (١٦١٢) , وأحمد (٦/٢٥٩) .
٤ الترمذي: الأحكام (١٣٧٨) , وأبو داود: الخراج والإمارة والفيء (٣٠٧٣) .
٥ الترمذي: الأحكام (١٣٦٦) , وأبو داود: البيوع (٣٤٠٣) , وابن ماجة: الأحكام (٢٤٦٦) , وأحمد (٣/٤٦٥, ٤/١٤١) .

<<  <   >  >>