للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب عقد الذمة]

لا تجوز إلا من الإمام أو نائبه، لا نعلم فيه خلافاً، والأصل فيه وفي إخراج الجزية: الكتاب والسنة والإجماع، كقوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} الآية، ١ وقول المغيرة يوم نهاوند: "أمرنا نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله، أو تؤدوا الجزية". ٢ رواه البخاري. وحديث بريدة، مرفوعاً: "ادعُهم إلى إحدى ثلاث خصال". ٣ رواه مسلم. وأجمعوا على جواز أخذ الجزية في الجملة. ولا يجوز عقدها إلا لأهل الكتاب، ومن له شبهة كتاب؛ فأهل الكتاب: اليهود والنصارى ومن دان بدينهم، كالسامرة يدينون بشريعة موسى وإنما خالفوهم في فروع دينه، وفِرَق النصارى من اليعقوبية والنسطورية والملكية والإفرنج والروم والأرمن وغيرهم ممن انتسب إلى شريعة عيسى، وما عداهم ليس أهل كتاب لقوله: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} الآية ٤.

فأما أهل صحف إبراهيم وشيث وزبور داود، فلا تقبل منهم، لأنهم من غير الطائفتين، ولأن هذه الصحف ليس فيها شرائع، إنما هي مواعظ. وأما الذين لهم شبهة كتاب، فهم المجوس، هذا قول الأكثر. وعن أبي ثور: أنهم من أهل الكتاب، وتحل ذبائحهم ونساؤهم، وهو خلاف الإجماع. وما روي عن عليّ: "أن لهم كتاباً ورُفع، وأنّ ملِكهم قال: إن آدم أنكح بنيه بناته، فأنا على دينه"، فقال أبو عبيد: لا أحسبه محفوظاً.


١ سورة التوبة آية: ٢٩.
٢ البخاري: الجزية (٣١٦٠) .
٣ مسلم: الجهاد والسير (١٧٣١) , والترمذي: السير (١٦١٧) , وأبو داود: الجهاد (٢٦١٢) , وابن ماجة: الجهاد (٢٨٥٨) , وأحمد (٥/٣٥٢, ٥/٣٥٨) , والدارمي: السير (٢٤٤٢) .
٤ سورة الأنعام آية: ١٥٦.

<<  <   >  >>