للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب التيمم]

...

ولو كان حجة، فالمنطوق راجح عليه. وهل يعيد إذا قدر على الماء على روايتين.

ومن خرج من المصر إلى أرض من أعماله كالحطاب، ممن لا يمكنه حمل الماء معه لوضوئه، ولا يمكنه الرجوع ليتوضأ إلا بتفويت حاجته، صلى بالتيمم ولا إعادة عليه.

وإن خاف البرد ولم يمكنه استعمال الماء على وجه يأمن الضرر، تيمم في قول أكثر أهل العلم. وقال الحسن وعطاء: يغتسل وإن مات.

ووجه الأولى قوله: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} ، ١ ولحديث عمرو بن العاص. وهل يلزمه الإعادة فيه روايتان:

إحداهما: لا تلزم "لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر عمرو بن العاص بالإعادة". وقال أبو يوسف ومحمد: تجب، كنسيان الطهارة؛ والأول أصح، لأن الناسي لم يأت بما أمر به.

والجريح والمريض إذا خافا تيمما، هذا قول أكثر أهل العلم. وقال عطاء والحسن: لا يجوز إلا عند عدم الماء. ولنا: قوله: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} ، ٢ وحديث صاحب الشجة. واختلفوا في الخوف المبيح، فعن أحمد: لا يبيحه إلا خوف التلف؛ والصحيح الإباحة إذا خاف زيادة المرض أو تباطؤ البرء، لأنه يجوز إذا خاف ذهاب شيء من ماله أو لم يجد الماء إلا بزيادة كثيرة على ثمن المثل، ولأن ترك القيام في الصلاة وتأخير الصوم في المرض لا ينحصر في خوف التلف. فإن لم يخف الضرر لم يجز. وحكي عن مالك وداود: إباحته للمريض مطلقاً، لظاهر الآية. ولنا: أنه قادر عليه من غير ضرر فأشبه الصحيح، والآية اشترط فيها عدم الماء، فلم يتناول محل النزاع على أنه لا بد فيها من إضمار الضرورة، ولا يكون إلا عند الضرورة. وإن خاف العطش


١ سورة النساء آية: ٢٩.
٢ سورة النساء آية: ٢٩.

<<  <   >  >>