وهو على ضربين: حجر على الإنسان لحظ نفسه، وحجر لحق غيره، كالمريض والراهن والمفلس، وهو المذكور هنا. ومن لزمه ديْن مؤجل لم يطالب به قبل أجله، ولم يحجر عليه من أجله؛ فإن كان بعضه حالاً وماله يفي بالحال لم يحجر عليه أيضاً. وقال بعض أصحاب الشافعي: إن ظهرت أمارات الفلس، ككون ماله بإزاء ديْنه، ولا نفقة له إلا من ماله، حجر عليه. فإن أراد سفراً يحل الديْن قبل مدته، فلغريمه منعه، إلا أن يوثقه برهن أو كفيل. فإن كان لا يحل قبله، ففي منعه روايتان. فإن كان إلى الجهاد، فله منعه إلا بضمين أو رهن، لأنه يتعرض فيه لذهاب نفسه. وقال الشافعي: ليس له منعه من السفر، ولا المطالبة بكفيل، إذا كان مؤجلاً، سواء كان يحل قبل محل سفره أو لاَ، إلى الجهاد أو غيره. ولنا: أنه سفر يمنع استيفاء الدين في محله، فملك منعه إذا لم يوثقه. وإن كان حالاً وله ما يفي به، لم يحجر عليه لعدم الحاجة، ويأمره الحاكم بالوفاء؛ فإن أبى حبسه، لقوله:"ليُّ الواجد ظلم يُحلّ عِرضه وعقوبته". ١ رواه أحمد. فإن أصر باعه الحاكم وقضى ديْنه، وهذا مذهب الشافعي وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: ليس له بيع ماله، لكن يجبره على البيع وإلا حبسه ليبيع، إلا أن يكون عليه أحد النقدين وماله من الآخر، فيدفع أحدهما عن الآخر. ولنا:"أنه صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ، وباع ماله في ديْنه". رواه الخلال. وعن عمر أنه خطب فقال: "إن
١ النسائي: البيوع (٤٦٨٩) , وأبو داود: الأقضية (٣٦٢٨) , وابن ماجة: الأحكام (٢٤٢٧) , وأحمد (٤/٣٨٨) .