للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال سبق الحاج فأدان معرضاً، فأصبح وقد رين به. فمن كان عليه مال فليحضر غداً، فإنا بائعو ماله وقاسموه بين غرمائه". وإن ادعى الإعسار، وكان ديْنه عن عوض كالبيع والقرض أو عرف له مال سابق، حبسه إلى أن يقيم البينة على نفاد ماله أو إعساره، وهل يحلف معها؟ على وجهين. وإن لم يكن كذلك حلف وخلي سبيله. قال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الديْن. وكان عمر بن عبد العزيز يقول: يقسم ماله بين الغرماء ولا يحبس، وبه قال الليث. وحكي عن مالك: لا تسمع البينة على الإعسار، لأنها شهادة على النفي. ولنا: حديث قبيصة، وفيه: "حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة". ١ وتسمع البينة في الحال، وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يحبس شهراً، وقيل: ثلاثة أشهر، وروي أربعة، حتى يغلب على ظن الحاكم أنه لو كان له مال لأظهره. فإن قال الغريم: أحلفوه لي مع بينته أنه لا مال له، لم يستحلف. وفيه وجه آخر: أنه يستحلف، لأنه يحتمل أن يكون له مال خفي. فإن كان الحق ثبت عليه في غير مقابلة مال أخذه، كأرش جناية، ومهر، وضمان، ولم يعرف له مال، حلف وخلي سبيله؛ وهذا قول الشافعي وابن المنذر، فإنه قال: العقوبة حبس، ولم نعلم له ذنباً، والأصل عدم ماله. ومتى ثبت إعساره عند الحاكم، لم يجز مطالبته، ولا ملازمته. وقال أبو حنيفة: لغرمائه ملازمته من غير أن يمنعوه من الكسب، لقوله: لصاحب الحق اليد واللسان. ولنا: أن من ليس لصاحب الحق مطالبته، لم تكن له ملازمته،


١ مسلم: الزكاة (١٠٤٤) , وأحمد (٣/٤٧٧) .

<<  <   >  >>